كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 4)

صفحة رقم 95
وغير ) وإن ( خففوها من الثقيلة تأكيداً بالإيجاز للدلالة على الاهتمام بالإبلاغ في الاعتذار في أسرع وقت ) كنا ) أي كوناً هو جبلة لنا ) لخاطئين ) أي عريقين في الخطأ ، وهو تعمد الإثم ، فكأنه الكرام اقتداء بإخوانه من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ) لا تثريب ) أي لا لوم ولا تعنيف ولا هلاك ) عليكم اليوم ( وإن كان هذا الوقت مظنة اللوم والتأنيب ، فإذا انتفى ذلك فيه فما الظن بما بعده ومادة ( ثرب ) تدور على البرث - بتقديم الموحدة ، وهو أسهل الأرض وأحسنها ؛ ولثبرة - بتقديم المثلثة : أرض ذات حجارة بيض ، فإنه يلزمه الإخلاد ، ومنه : ثابر على الأمر : دوام ، والمثبر - كمنزل : لمسقط الولد أي موضع ولادته ، والمقطع والمفصل ، فيأتي الكسل واللين فيأتي الفساد ، ومنه الثبور للهلاك ، والبثر بتقديم الموحدة : خراج معروف : والماء البثر : الذي بقى منه على الأرض شيء قليل ؛ والربث - بتقديم الموحدة أيضاً : حبس الإنسان ، وهو يرجع إلى الإقامة والدوام ايضاً ؛ والتثريب : التقرير بالذنب ، فهو إزالة ما على الإنسان من ساتر العفوِ ، من الثرب وهو شحم يغشى الكرش والأمعاء ويسترهما ، وهو من لوازم الأرض السهلة لما يلزم من خصبها ، فالتثريب إزالته ، وذلك للقحط الناشىء عنه الهلاك ، فأغلب مدار المادة الهلاك .
ولما أعفاهم من الترثيب ، كانوا في مظنة السؤال عن كمال العفو المزيل للعقاب من الله ، فأتبعه الجواب عن ذلك بالدعاء لهم بقوله : ( يغفر الله ) أي الذي له صفات الكمال ) لكم ) أي ما فرط منكم وما لعله يكون بعد هذا ؛ ولعله عبر في هذا الدعاء بالمضارع إرشاداً لهم إلى إخلاص التوبه ، ورغبهم في ذلك ورجاهم بالصفة التي هي سبب الغفران ، فقال : ( وهو ) أي وحده ) ارحم الراحمين ) أي لجميع العباد ولا سيما التائب ، فهو جدير بإدرار النعم بعد الإعاذة من النقم ، وروى أنهم أرسلوا إليه أنك لتدعونا إلى طعامك وكرامتك بكرة وعشياً ونحن نستحي لما فرط منا ، فقال : إن أهل مصر ينظروني - وإن ملكت فيهم - بعين العبودية فيقولون : سبحان من بلغ عبداً بيع بعشرين درهماً ما بلغ ، ولقد شرفت الآن بكم وعظمت في العيون حيث علم الناس أنكم إخوتي ، وأني من ذرية إبراهيم عليه الصلاة والسلام .
يوسف : ( 93 - 98 ) اذهبوا بقميصي هذا. .. . .
) اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن

الصفحة 95