كتاب معاني القرآن وإعرابه للزجاج (اسم الجزء: 4)

أي ذات مُسْتَقَر، و " مَعين " ماء جَارٍ من العُيُونِ. وَقَالَْ بَعْضهمْ يجوز أن
يكون " فَعِيلا " من المَعْنِ، مشتقا من المَاعُونِ.
وهذا بَعِيد لأن المَعْن في اللغة الشيء القليل، والماعونُ هُوَ الزكاةُ، وهو فاعول من المَعْنِ، " وإنما سُمِّيتِ الزَكَاةُ بالشيء القليل، لأنه يؤخَذُ مِنَ المالِ رُبْعَ عُشْرِهِ، فهو قليل من كثير.
قال الراعي:
قوْمٌ على التَّنْزيِلِ لَمَّا يَمْنَعُوا. . . ماعونَهم ويُبَدِّلُوا التَّنْزِيلا
* * *

وقوله: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51)
أي كلوا من الحلال، وكل مأكول حَلَالٍ مُسْتَطَابِ فهو داخل في هذا.
وإنَّمَا خُوطب بهذا رسولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فقيل يَأَ أَيُّها الرسُلُ، َ وتَضَمَنَ هَذَا الخطابُ أن الرسُلُ جَمِيعاً كذا أُمِرُوا.
وَرُوِيَ أن عيسى عليه السلام كان يأكل مِنْ غَزْل أُمِّه، وأَطْيبُ الطيباتِ الغَنائمُ.
* * *

وقوله: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)
أي فاتْقون لِهذَا.
وقد فسرنا في سورةِ الأنْبياء كل ما يجوز في نظير هذه
الآية.
وجملة تأويلها أن دينَكمْ دِينٌ واحد، وهو الإسلام.
وأعلم اللَّه - عزَّ وجلَّ - أَنَ قَوماً جعلوا دينهم أَدْيَاناً فقال:

(فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53)

الصفحة 15