كتاب معاني القرآن وإعرابه للزجاج (اسم الجزء: 4)

ألف سنة، ففيه أزمنة وأحوال.
وإنما قيل يومَئِذٍ كما تقول: نحن اليوم بفعل كذا وكذا، وليس تريد به في يومك إنما تريد نحن في هذا الزمان، " فيومَ " تقع للقطعة من الزمان.
وأمَّا (فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ).
فَلَا يسأل عن ذنْبِه ليستفهم، قد علم اللَّه عزَّ وجلَّ ما سَلَفَ مِنْهُمْ.
وَأَما قوله: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) فيسألون سؤال توبيخ
لا سؤال اسْتِفْهَام كما قال: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9).
وإنما تسأل لتوبيخ مَنْ قَتَلَهَا.
وكذلك قوله: (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ).
فما يُسأل عنه يومَ القيامة تَقْرِير وتوبيخ، واللَّه - عزَّ وجلَّ - قَدْ عَلِمَ ما كان، وأَحْصَى كبير ذلَك وصَغِيرَهُ.
* * *

وقوله: (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104)
يلفح وينفح في مَعْنًى واحِدٍ، إلا أن اللفح أَعْظمُ تأثيراً.
(وَهُمْ فِيها كَالِحُونَ).
والكَالِحُ الذي قَد تَشَمَّرتْ شَفَتُه عَنْ أَسنانِه، نحو ما ترى من رُؤوسِ
الغَنَم إذا مسَّتْهَا النار فبرزت الأسنان وتشمرت الشِفَاهُ
* * *

(قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106)
وَتُقْرَأُ شَقَاوَتُنَا، والمعنى وَاحِد (1).
(وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ).
أَقَرُّوا بذلك.
__________
(1) قال السَّمين:
قوله: {شِقْوَتُنَا}: قرأ الأخَوان: «شَقاوتُنا» بفتح الشين وألفٍ بعد القاف. والباقون بكسرِ الشينِ وسكونِ القافِ وهما مصدران بمعنى واحدٍ، فالشَّقاوة كالقَساوة وهي لغةٌ فاشِيَةٌ، والشِّقْوةُ كالفِطْنَة والنِّعْمة. وأنشد الفراء:
3430 كُلِّفَ مِنْ عَنائِهِ وشِقْوَتِهْ. . . بنتَ ثمانِيَْ عَشْرةٍ مِنْ حِجَّتِهْ
وهي لغةُ الحجاز. قرأ قتادة والحسن في روايةٍ كالأَخَوَيْن إلاَّ أنهما كَسَرا الشينَ. وشبلٌ في اختياره كالباقين، إلاَّ أنَّه فَتَح الشينَ.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).

الصفحة 23