كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 4)

وخرج تعبا نصبا، وأعقبه ذلك مرضا شديدا أشرف منه على الموت، وعاهد الله ألّا يعود الى كلام الجارية، فلم تر منه بعد ذلك شيئا تكرهه. قال: وتعشّى عبد الله ليلة ومعه رجل من الأنصار، فوقع حجر في الدار ووقع آخر وثالث؛ فقال للجارية:
اخرجى فانظرى: أذّنوا المغرب أم لا؛ فخرجت وجاءت بعد ساعة، وقالت: قد أذّنوا وصلّوا. فقال الرجل الذى كان عنده: أليس قد صلّينا قبل أن تدخل الجارية؟
قال: بلى، ولكن لو لم أرسلها تسأل عن ذلك لرجمنا الى الغداة، أفهمت؟! قال:
نعم، قد فهمت. قال وسمع عبد الله بن أبى عتيق قول عمر بن أبى ربيعة.
من رسولى الى الثّريّا فإنى «1» ... ضقت ذرعا بهجرها والكتاب
فركب بغلته من المدينة، وسار يريد مكة، فلما بلغ ذا الحليفة «2» قيل له: أحرم؛ قال:
ذو الحاجة لا يحرم، وجاء حتى دخل على الثريّا. فقال لها: ابن عمك يقول:
ضقت ذرعا بهجرها والكتاب
ثم ركب بغلته وعاد.
ذكر شىء من مجون الأعراب
سئل أعرابىّ عن جارية له يقال لها زهرة، فقيل له: أيسرّك أنك الخليفة وأن زهرة ماتت؟ فقال: لا والله! تذهب الأمة وتضيع الأمّة. وجد أعرابىّ مرآة وكان قبيح الصورة، فنظر فيها فرأى وجهه فاستقبحه، فرمى بها وقال: لشرّ ما طرحك أهلك. وقيل لأعرابىّ: لم يقال: باعك الله في الأعراب؟ فقال: لأنّا نجيع كبده، ونعرى جلده، ونطيل كدّه. وتزوّج أعرابىّ على كبر سنه، فقيل له

الصفحة 7