كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 4)

[1416] وعَن أَبِي ذَرٍّ قَالَ: إِنَّ خَلِيلِي أَوصَانِي أَن أَسمَعَ وَأُطِيعَ، وَإِن كَانَ عَبدًا حبشيا مُجَدَّعَ الأَطرَافِ.
رواه مسلم (1837)، وأبو داود (431)، والترمذيُّ (136)، والنَّسائيُّ (2/ 75).
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أيضًا بضم الهمزة وإسكان الثاء، وكلاهما بمعنى؛ والمعنى: أنّ الطاعة للأمراء واجبة وإن استأثروا بالأموال دون الناس، بل وعلى أشد من ذلك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال لحذيفة: فاسمع وأطع، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك (¬1).
وقوله وإن كان عبدًا حبشيًّا مجدَّع الأطراف، الجَدعُ: القطُع - وأصله في الأنف. والأطراف: الأصابع.
وهذا مبالغة في وصف هذا العبد بالضعة والخسّة؛ وذلك أن العبد إنما تنقطع أطرافه من كثرة العمل والمشي حافيًا، وهذا منه صلى الله عليه وسلم على جهة الإغياء على عادة العرب في تمكينهم المعاني وتأكيدها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من بنى مسجدًا لله ولو مثل مِفحَصِ قطاةِ بنى الله تعالى له بيتًا في الجنَّة (¬2)، ومفحص قطاة لا يصلح لمسجد، وإنما هو تمثيل للتصغير على جهة الإغياء، فكأنَّه قال: أصغر ما يكون من المساجد. وعلى هذا التأويل لا يكون فيه حجة لمن استدل به على جواز تأمير العبد فيما دون الإمامة الكبرى، وهم بعض أهل الظاهر فيما أحسب، فإنه قد اتُّفِقَ على أن الإمام الأعظم لا بُدَّ أن يكون حرًّا على ما يأتي بنص أصحاب مالك، على أن القاضي لا بُدَّ أن يكون حرًّا.
قلت: وأمير الجيش والحرب في معناه، فإنها مناصب دينية يتعلّق بها تنفيذ
¬__________
(¬1) رواه مسلم (1847).
(¬2) رواه ابن حبان (1611)، والبيهقي في السنن (2/ 437).

الصفحة 37