كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 4)

وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَينَا، وَعَلَى أَن لَا نُنَازِعَ الأمرَ أَهلَهُ، وَعَلَى أَن نَقُولَ بِالحَقِّ حَيثَمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَومَةَ لَائِمٍ.
زاد في رواية بعد قوله وَأَلَا نُنَازِعَ الأمرَ أَهلَهُ قَالَ: إِلَّا أَن تَرَوا كُفرًا بَوَاحًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأمراء، وسُمّيت بذلك لأن المقصود بها تأكيد السمع والطاعة على الأمراء، وقد كان عُبَادَةُ بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة النساء، وسُمّيت بذلك لأنه لم يكن فيها ذِكرُ حربٍ ولا قتال. وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بيعة الرِّضوان، وسُمّيت بذلك لقول الله تعالى: {لَقَد رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤمِنِينَ إِذ يُبَايِعُونَكَ تَحتَ الشَّجَرَةِ} وسيأتي ذِكرُهَا.
وقوله وعلى أَثَرةٍ علينا، قد تقدّم القول في تقييد أثرة وفي معناه، وكأنَّ هذا القول خاصٌّ بالأنصار، وقد ظهر أثر ذلك يوم حنين حيث آثر النبي صلى الله عليه وسلم قريشًا بالفيء ولم يُعط الأنصار شيئًا، فجرى من الحديث ما تقدّم في كتاب الزكاة، وهناك قال النبي صلى الله عليه وسلم: اصبروا حتى تلقوني على الحوض (¬1)، فقالوا: سنصبر إن شاء الله. وفيه أيضًا تنبيه لهم على أن الخلافة في غيرهم، وقد صرّح بذلك في قوله: وعلى ألا ننازع الأمر أهله، وكذلك فعلوا لَمّا علموا أهلية أبي بكر للخلافة أذعنوا وسلّموا وسمعوا وأطاعوا.
وقوله إلا أن تروا كفرًا بواحًا، كذا روايةُ هذه اللفظة بالواو عند كافة الرّواة، وهي من باح الرجل بالشيء يبوح به بوحًا وبواحًا إذا أظهره، وقال ثابت (¬2): رواه النسائي بُؤَاحًا أو بَؤُوحًا - وهي بمعناه، إلا ما زادت من معنى
¬__________
(¬1) رواه البخاري تعليقًا (11/ 463)، ومسلم (1845).
(¬2) هو ثابت السَّرقُسطي: أبو القاسم، محدِّث، حافظ، لغوي. له كتاب "الدلائل" في شرح ما أغفل أبو عبيد وابن قتيبة من غريب الحديث. توفي سنة (313 هـ).

الصفحة 45