كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 4)

قَالَوا: فَمَا تَأمُرُنَا؟ قَالَ: فُوا بِبَيعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بمكة ولمروان بالشام ولبني العباس بالعراق ولبني مروان بالأندلس ولبني عبيد بمصر، ثم لبني عبد المؤمن بالمغرب (¬1).
وقوله فُوا ببيعة الأوّل فالأوّل دليل على وجوب الوفاء ببيعة الأول، وسكت في هذا الحديث عمَّا يحكم به على الآخر، وقد نصَّ عليه في الحديث الآتي حيث قال: فإن جاء أحد ينازعه فاضربوا عنق الآخر، وفي رواية فاضربوه بالسيف كائنًا من كان، وهذا الحكم مجمعٌ عليه عند تقارب الأقطار وإمكان استقلال واحد بأمور المسلمين وضبطها، فأمَّا لو تباعدت الأقطار وخيف ضَيعَةُ البعيد من المسلمين ولم يتمكن الواحد من ضبط أمور من بَعُدَ عنه فقد ذكر بعضُ الأصوليين أنهم يُقيمون لأنفسهم واليًا يدبرهم ويستقل بأمورهم، وقد ذكر أنَّ ذلك مذهب الشافعي في الأم.
قلت: ويمكن أن يقال إنهم يقيمون من يدبّر أمورهم على جهة النيابة عن الإمام الأعظم، لا أنّهم يخلعون الإمام المتقدم حكمًا ويُوَلُّونَ هذا بنفسه مستقلًا، هذا ما لا يوجد نصًّا عن أحدٍ ممن يُعتبر قوله. والذي يمكن أن يُفعل مثل هذا إذا تعذر الوصول إلى الإمام الأعظم أن يُقيموا لأنفسهم من يدبّرهم ممن يعترفُ للإمام بالسَّمع والطَّاعة، فمتى أمكنهم الوصول إلى الإمام فالأمر له في إبقاء ذلك أو عَزلِه.
ثم للإمام أن يفوض لأهل الأقاليم البعيدة التفويض العام، ويجعل للوالي عليهم الاستقلال بالأمور كلِّها لتعذر المراجعة عليهم، كما قد اتفق لأهل الأندلس وأقصى بلاد العجم.
فأمَّا لو عُقِدت البيعةُ لإمامين معًا في وقتٍ واحدٍ في بلدين متقاربين
¬__________
(¬1) زاد في (ج 2): ولبني. . . باليمن.

الصفحة 49