كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 4)

رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّهُ لَم يَكُن نَبِيٌّ قَبلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيهِ أَن يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيرِ مَا يَعلَمُهُ لَهُم، وَيُنذِرَهُم شَرَّ مَا يَعلَمُهُ لَهُم، وَإِنَّ أُمَّتَكُم هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتنَةٌ فَيُدفِّقُ بَعضُهَا بَعضًا، وَتَجِيءُ الفِتنَةُ فَيَقُولُ المُؤمِنُ: هَذِهِ مُهلِكَتِي! ثُمَّ تَنكَشِفُ، وَتَجِيءُ الفِتنَةُ فَيَقُولُ المُؤمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ! فَمَن أَحَبَّ أَن يُزَحزَحَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اجتمعوا للصلاة. وكأنَّهُ كان وقت صلاة، فلمَّا جاؤوا صلّوا معه، وسكت الراوي عن ذلك، وإلاَّ فمن المُحال أن يناديَ منادي الصَّادق بالصلاةِ ولا صلاةَ.
وقوله صلى الله عليه وسلم إنَّه لم يكن نبي إلاَّ كان حقًّا عليه أن يدلّ أُمَّته على خير ما يَعلَمُه لهم؛ أي حقًّا واجبا؛ لأن ذلك من طريق النصيحة والاجتهاد في التبليغ والبيان.
وقوله وإن أمتكم هذه جُعِلَ عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاءٌ وأمورٌ تنكرونها، يعني بأوّل الأمة زمانَه وزمانَ الخلفاءِ الثلاثة إلى قتل عثمان، فهذه الأزمنة كانت أزمنة اتفاق هذه الأمة (¬1) واستقامة أمرها وعافية دينها (¬2)، فلما قتل عثمان ماجت الفتن كموج البحر، وتتابعت كقطع الليل المظلم، ثم لم تزل ولا تزال متواليةً إلى يوم القيامة. وعلى هذا فأول آخر هذه الأمة - المَعنِيُّ في هذا الحديث - مقتل عثمان، وهو آخر بالنسبة إلى ما قبله من زمان الاستقامة والعافية، وقد دلّ على هذا قوله وأمور تنكرونها، والخطاب لأصحابه - فدلّ على أن منهم من يدرك أول ما سَمَّاه آخرًا، وكذلك كان.
وقوله وتجيء الفتنةُ فَيَدفِقُ بعضها بعضًا، الرواية يدفق بالتخفيف وفتح الياء، هذه رواية الطبري عن الفارسي، ومعنى فيدفق يدفع، والدَّفقُ الدَّفعُ.
¬__________
(¬1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(¬2) ساقط من (م).

الصفحة 51