كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 4)

قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيرَةَ: مَا لِي أَرَاكُم عَنهَا مُعرِضِينَ، وَاللَّهِ لَأَرمِيَنَّ بِهَا بَينَ أَكتَافِكُم.
رواه أحمد (4/ 463)، والبخاري (2463)، ومسلم (1609)، وأبو داود (3634)، والترمذي (1353)، وابن ماجه (2335).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله صلى الله عليه وسلم: (ليس لجار أن يمنع جاره أن يضع أعواده على جداره). وفي رواية أخرى: (أن يضع جذوعه) وفي أخرى: (أن يغرز خشبًا) وفي أخرى: (أطراف خشب). فهذه الألفاظ جميعها توضح: أنه جمع (¬1).
و(قوله: ما لي أراكم عنها معرضين) الضمير في (عنها) يعود إلى (¬2) المقالة التي صدرت منه لهم. وأنثها على المعنى. وهذا القول منه إنكارٌ عليهم، لما رأى منهم من الإعراض واستثقال ما سمعوه منه، وذلك: أنهم لم يقبلوا عليه، بل طأطؤوا رؤوسهم، كما رواه الترمذي (¬3) في هذا الحديث.
و(قوله: والله لأرمين بها بين أظهركم) وفي أخرى: (لأضربن بها بين أعينكم وإن كرهتم) ذكرها أبو عمر (¬4)؛ أي: لأحدثنكم بتلك المقالة التي استثقلتم سماعها من غير مبالاة. ولا تقية، وأوقعها بينكم كما يوقع السهم بين الجماعة.
ففيه من الفقه: تبليغ العلم لمن لم يرده، ولا استدعاه؛ إذا كان من الأمور المهمة. ويظهر منه: أن أبا هريرة كان يعتقد وجوب بذل الحائط لغرز الخشب، وأن السامعين له لم يكونوا يعتقدون ذلك. وأما رواية: (لأضربن بها أعينكم): فهي على جهة المثل؛ الذي قصد به الإغياء في الإنكار؛ لأنه فهم عنهم الإعراض عما
¬__________
(¬1) ما بين حاصرتين زيادة من حاشية (م).
(¬2) في (ج 2): على.
(¬3) رواه الترمذي (1353).
(¬4) انظر: التمهيد (10/ 216 وما بعدها).

الصفحة 532