كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 4)

فَإِنَّمَا عَلَيهِم مَا حُمِّلُوا وَعَلَيكُم مَا حُمِّلتُم.
رواه مسلم (1846) (49)، والترمذيُّ (2200).
[1426] وعن حُذَيفَةَ بنَ اليَمَانِ قالُ: كَانَ النَّاسُ يَسأَلُونَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَن الخَيرِ وَكُنتُ أَسأَلُهُ عَن الشَّرِّ مَخَافَةَ أَن يُدرِكَنِي، فَقُلتُ: يَا رسول الله، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الخَيرِ، فَهَل بَعدَ هَذَا الخَيرِ شَرٌّ؟ قَالَ: نَعَم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله عليهم ما حُمّلوا وعليكم ما حملتم يعني أن الله تعالى كلَّف الولاة العدل وحسن الرعاية وكلّف المَولَّى عليهم الطاعة وحسن النصيحة، فأراد أنه إن عصى الأمراءُ الله فيكم ولم يقوموا بحقوقكم فلا تعصوا الله أنتم فيهم وقوموا بحقوقهم، فإن الله مُجاز كل واحدٍ من الفريقين بما عمل.
وقول حذيفة كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر يعني أنه كان أكثر مسائل الناس عن الخير وكانت أكثر مسائله عن الشر، وإلاَّ فقد سأل غيره رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كثير من الشر، وقد كان حذيفة أيضًا يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كثير من الخير.
والخير والشر المعنِيان في هذا الحديث إنما هما استقامة أمر دين هذه الأمة والفتن الطارئة عليها، بدليل باقي الحديث وجواب النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك.
وقوله مخافة أن يدركني يدل على حزم حذيفة وأخذه بالحذر، وذلك أنه كان يتوقع موت النبي صلى الله عليه وسلم فيتغير الحال وتظهر الفتن كما اتفق، وفيه دليل على فرض المسائل والكلام عليها قبل وقوعها إذا خيف مَوتُ العالم.
وقوله فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم يعني به الفتن الطارئة بعد انقراض زمان الخليفتين والصدر من زمان عثمان كما تقدّم.

الصفحة 55