كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 4)

[1739] وعَن أَبِي هُرَيرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تَنذِرُوا، فَإِنَّ النَّذرَ لَا يُغنِي مِن القَدَرِ شَيئًا، وَإِنَّمَا يُستَخرَجُ بِهِ مِن البَخِيلِ.
رواه أحمد (2/ 412)، والبخاري (6694)، ومسلم (1640)، وأبو داود (3288)، والترمذي (1538)، والنسائي (7/ 16)، وابن ماجه (2123).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك ابتداءً وافتتاحًا لما حمل على الوجوب، إلا أن يكون ذلك النذر ماليًّا، وتركت (¬1) مالًا، فيجب على الوارث إخراج ذلك من رأس المال، أو من الثلث، كما قد ذكرناه في الوصايا. وإن كان حقًّا بدنيًا: فمن يقول بأن الوليَّ يقضيه عن الميت؛ لم يقل: إن ذلك يجب على الوليِّ، بل ذلك على النَّدب إن طاعت بذلك نفسُه. ومن تخيَّل شيئًا من ذلك فهو محجوج بقوله صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صيام صام عنه وليُّه لمن شاء) (¬2) وهو نصٌّ في الغرض.
و(قوله صلى الله عليه وسلم: لا تنذروا! فإن النَّذر لا يردّ من قدر الله شيئًا) هذا النذر (¬3) محله أن يقول: إن شفى الله مريضي، أو قدم غائبي فعليَّ عتق رقبة، أو صدقة كذا، أو صوم كذا. ووجه هذا النهي هو: أنه لما وقف فعل هذه القربة على حصول غرض عاجل ظهر: أنه لم يتمحض له نيَّة التقرب إلى الله تعالى بما صدر منه، بل سلك فيها مسلك المعاوضة. ألا ترى: أنَّه لو لم يحصل غرضه لم يفعل؟ ! وهذه حال البخيل؛ فإنَّه لا يخرج من ماله شيئًا إلا بعوض عاجل يربي على ما أخرج. وهذا المعنى هو الذي أشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلم: (وإنما يستخرج به من البخيل ما لم يكن البخيل يخرجه) ثم ينضاف إلى هذا اعتقاد جاهل يظن: أن
¬__________
(¬1) أي: أم سعد.
(¬2) رواه أحمد (6/ 69)، والبخاري (1952)، ومسلم (1147)، وأبو داود (2400).
(¬3) في (ج 2): النهي.

الصفحة 606