كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 4)

[1752] وعَن تَمِيمِ بنِ طَرَفَةَ قَالَ: جَاءَ سَائِلٌ إِلَى عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ فَسَأَلَهُ نَفَقَةً فِي ثَمَنِ خَادِمٍ أَو فِي بَعضِ ثَمَنِ خَادِمٍ، فَقَالَ: لَيسَ عِندِي مَا أُعطِيكَ، إِلَّا دِرعِي وَمِغفَرِي، قَالَ: فَأَكتُبُ إِلَى أَهلِي أَن يُعطُوكَهَا. قَالَ: فَلَم يَرضَ، فَغَضِبَ عَدِيٌّ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أُعطِيكَ شَيئًا. ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ رَضِيَ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَولَا أَنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَن حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ ثُمَّ رَأَى أَتقَى لِلَّهِ مِنهَا، فَليَأتِ التَّقوَى مَا حَنَّثتُ يَمِينِي.
رواه مسلم (1651) (15).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
به. والأصلح تارة يكون من جهة الثواب وكثرته.
وهو الذي أشار إليه في حديث عدي، حيث قال: (فليأت التقوى). وقد يكون من حيث المصلحة الراجحة الدنيويَّة التي تطرأ عليه بسبب تركها حرجٌ ومشقَّةٌ. وهي التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لأن يلج أحدكم بيمينه آثم له عند الله من أن يكفر) (¬1) يعني بذلك: أن استمراره على مقتضى يمينه إذا أفضى به إلى الحرج - وهو المشقة - قد يفضي به إلى أن يأثم، فالأولى به أن يفعل ما شرع الله له من تحنيثه نفسه وفعل الكفارة (¬2).
وغضب عدي في الحديث الأول ويمينه سببهما: أن الرَّجل السائل لم يرض بالدِّرع والمغفر مع أنه لم يكن عنده غيرهما. ويمينه في الحديث الثاني وما يفهم من غضبه فيه سببه فيما يظهر من مساق الحديث: أن عديًّا استقل ما سُئِل منه. ألا ترى قوله: تسألني مائة درهم، وأنا ابن حاتم؟ ! فكأنه قال: تسألني هذا الشيء اليسير وأنا من عرفت؛ أي: نحن معروفون ببذل الكثير. فهذا سبب غير السبب
¬__________
(¬1) الحديث في صحيح مسلم (1655) (26).
(¬2) في حاشية (م): الحرج الذي يلحقه في المضيِّ على اليمين أشدُّ من الحرج الذي يلحقه في إخراج الكفارة. هذا معناه.

الصفحة 632