كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 4)

[1756] وعَنه، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ سُلَيمَانُ بنُ دَاوُدَ نَبِيُّ اللَّهِ: لَأَطيفَنَّ اللَّيلَةَ عَلَى سَبعِينَ امرَأَةً، كُلُّهُنَّ تَأتِي بِغُلَامٍ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وروي عن مالك: إن كان على وجه المكر والخديعة؛ فهو آثم. وإن كان على وجه العُذر فلا. وعكسه ابن حبيب.
ذكر هذه الأقوال كلها القاضي عياض، وقال: ولا خلاف في أن الحالف بما يقتطع به حق غيره ظالم، آثم، حانث.
وقول سليمان: لأطيفن الليلة على سبعين امرأة) هذا الكلام قَسَمٌ، وإن لم يذكر فيه مُقسَم به؛ لأن لام (لأطيفن) هي التي تدخل على جواب القسم. فكثيرًا ما تحذف معها العرب المقسم به اكتفاءً بدلالتها على المُقسَم به، لكنها لا تدلُّ على مُقسَم به مُعَيَّن. وعلى هذا: ففيه من الفقه ما يدل على أن من قال: أحلف، أو أشهد، أو ما أشبه ذلك مما يفيد القسم، ونوى بذلك الحلف بالله تعالى؛ كانت يمينًا جائزة، منعقدة. وهو مذهب مالك. وقد قال الشافعي: لا تكون يمينًا بالله تعالى حتى يتلفظ بالمُقسَم به. وقال أبو حنيفة: هي يمين أراد بها اليمين بالله تعالى أم لا. وكأن الأولى ما صار إليه مالك؛ لأن ذلك اللفظ صالح وضعًا للقَسَم بالله تعالى، فإذا أراده الحالف؛ لزمه كسائر الألفاظ المقيدة بالمقاصد من العمومات، والمطلقات، وغير ذلك. وأمَّا إذا لم يرد باللفظ القَسَم أو القَسَم بغير الله تعالى؛ فلا يلزمه به شيء (¬1)؛ لأن الأوَّل لا يكون يمينًا، والثاني غير جائز، ولا مُنعَقد، فلا يلزم به حكم على ما تقدَّم.
و(قوله: كُلُّهُنَّ تأتي بغلام يقاتل في سبيل الله) وفي اللفظ الآخر: (بفارس). قد تقدَّم القول في الغلام، وأنه الصغير. وأراد به ها هنا: الشاب المطيق للقتال. وهذا الكلام من سليمان صلى الله عليه وسلم ظاهره الجزم على أن الله يفعل ذلك
¬__________
(¬1) في (ج 2): حكم.

الصفحة 635