كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 4)

فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ أَو المَلَكُ: قُل: إِن شَاءَ اللَّهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقد اختلفت الرِّوايات في عدد النساء اللواتي طاف عليهن سليمان. ففي الأصل: ستون، وسبعون، وتسعون. وفي غير كتاب مسلم: مائة. والله تعالى أعلم أيُّ ذلك كان.
و(قوله: قال له صاحبه أو الملك) هذا شكٌّ من أحد الرواة في الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم منهما. فإن كان صاحبه، فيعني به: وزيره من الإنس، أو الجن. وإن كان الملك؛ فهو الذي كان يأتيه بالوحي. وقد أبعد من قال: هو خاطره.
و(قوله: قل: إن شاء الله) هذا تذكير له بأن يقول بلسانه، لا أنه غفل عن التفويض إلى الله تعالى بقلبه؛ فإن ذلك بعيدٌ على الأنبياء، وغير لائق بمناصبهم الرفيعة، ومعارفهم المتوالية. وإنَّما هذا كما قد اتفق لنبينا صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الرُّوح، والخضر، وذي القرنين؛ فوعدهم بأن يأتي بالجواب غدًا، جازمًا بما عنده من معرفته بالله تعالى، وصدق وعده في تصديقه، وإظهار كلمته، لكنه ذهل عن النطق بكلمة: (إن شاء الله) لا عن التفويض إلى الله تعالى بقلبه، فأُدِّب بأن تأخر الوحي عنه؛ حتى رموه بالتكذيب لأجلها. ثم إن الله تعالى علَّمه وأدَّبه بقوله: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلا أَن يَشَاءَ اللَّهُ} فكان بعد ذلك يستعمل هذه الكلمة حتى في الواجب (¬1). وهذا لعلوِّ مناصب الأنبياء، وكمال معرفتهم بالله تعالى، يناقشون، ويعاتبون على ما لا يعاتب عليه غيرهم، كما قد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حق لوط: (ويرحم الله لوطًا لقد كان يأوي إلى ركن شديد) (¬2) فعتب عليه نطقه بكلمة يسوغ لغيره أن ينطق بها، وقد استوفينا هذا المعنى فيما تقدَّم.
¬__________
(¬1) في (ل): الوجوب.
(¬2) رواه أحمد (2/ 326)، والبخاري (3372)، ومسلم (151) (238)، وابن ماجه (4026).

الصفحة 637