كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الله، والإعراض عن الالتفات إلى ما فات. فيجوز النطق بـ (لو) عند السلامة من تلك الآفات. والله تعالى أعلم.
وفيه دليل على أن اليمين بالله تعالى إذا قرن بها (إن شاء الله) لفظًا منويًّا؛ لم يلزم الوفاء بها، ولا يقع الحنث فيها. ولا خلاف في ذلك. واختلفوا فيما إذا وقع الاستثناء منفصلًا عن اليمين. فالجمهور: على أنه لا ينفع (¬1) الاستثناء حتى يكون متصلًا به، منويا معه، أو مع آخر حرف من حروفه. وإليه ذهب مالك، والشافعي، والأوزاعي، والجمهور. وقد اتفق مالك والشافعي: على أن السُّعال، والعِطَاس، وما أشبه ذلك لا يكون قاطعًا إذا كان ناويًا له. وقال بعض أصحابنا: لا ينفع الاستثناء إلا أن ينويه قبل نطقه بجميع حروف اليمين. وعند هؤلاء: أن السكوت المختار الذي يقطع به كلامه، أو يأخذ في غيره لا ينفع معه الاستثناء. وكان الحسن، وطاوس، وجماعة من التابعين يرون للحالف الاستثناء ما لم يقم من مجلسه. وقال قتادة: ما لم يقم أو يتكلم. وعن عطاء: قَدر حلبة ناقة. وعن سعيد بن جبير: بعد أربعة أشهر. وروي عن ابن عباس: بعد سنة. وقد أنكرت هذه الرواية عنه، وضُعفت، وتأولها بعضهم: بأن له أن يستثني امتثالًا لأمر الله: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلا أَن يَشَاءَ اللَّهُ} لا لحل اليمين. والصحيح الأول إن شاء الله؛ لأنه لو لم يشترط الاتصال لما انعقدت يمين، ولا تصوَّر عليها ندم، ولا حنث، ولا احتيج للكفَّارة فيها. وكل ذلك حاصل بالاتفاق. فاشتراط الاتصال صحيح. ولتفصيل هذه الجملة علم الخلاف.
وقد احتجَّ من قال بفصل الاستثناء بما قال في هذا الحديث: إن سليمان ـ عليه السلام ـ لما حلف قال له صاحبه - أو الملك -: قل: إن شاء الله. ووجهه:
¬__________
(¬1) في (ع) و (م): يقع.

الصفحة 639