كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 4)

وفي رواية: عَلَى تِسعِينَ امرَأَةً كُلُّهَا تَأتِي بِفَارِسٍ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أنَّه إنَّما عرض عليه الاستثناء بعد فراغه من اليمين. فلو قالها بعد فراغ قول الصَّاحب لكان قولها غير متصل باليمين، ومع ذلك (¬1)، فلو قالها لكانت تنفع، ولم يحنث، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو قال: إن شاء الله لم يحنث).
والجواب: منع أنه قاله بعد فراغه من اليمين. بل لعلَّه قال ذلك في أضعاف يمينه؛ لأن يمينه تلك كثرت كلماتها فطالت. وليس ذلك الاحتمال بأولى من هذا، فلا حجة فيه، لا له، ولا عليه. وقد احتجَّ المخالف أيضًا بما رواه أبو داود عن عكرمة - مولى ابن عباس -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (والله لأغزون قريشًا! والله لأغزون قريشًا! والله لأغزون قريشًا! ) ثم قال: (إن شاء الله)، وفي رواية: ثم سكت، ثم قال: (إن شاء الله) (¬2). وهذا مرسل. وقد أُسند من حديث عبد الواحد بن صفوان. وليس حديثه بشيء على ما قاله أهل الحديث. والمرسل هو الصحيح.
قلت: وهذا الحديث حجة ظاهرة على جواز الفصل بالسُّكوت اليسير، وأن ذلك القدر ليس بقاطع؛ لأن الحال شاهدة على الاتصال، لكن عند من يقبل المرسل. ويحتمل أن يكون ذلك السكوت عن غلبة نفس خارج أو أمر طارئ. وفيه بُعد.
ثم اختلف العلماء في الاستثناء بمشيئة الله تعالى؛ هل يرفع حكم الطلاق، والعتاق، والمشي لمكة، وغيرها من الأيمان بغير الله تعالى، أم لا؟ فذهب مالك والأوزاعي: إلى أن ذلك لا يرفع شيئًا من ذلك. وذهب الكوفيون، والشافعي، وأبو ثور، وبعض السَّلف: إلى أنه يرفع ذلك كله. وقصر الحسن الرفع على العتق، والطلاق خاصة.
¬__________
(¬1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(¬2) رواه أبو داود (3285 و 3286).

الصفحة 640