كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 4)

رواه البخاري (3424)، ومسلم (1654) (23 و 25)، والنسائي (7/ 25).
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ايم الله) واللغات المذكورات فيه فيما تقدَّم. والكلام هنا في بيان حكمها. فحكى ابن خواز منداذ، والطحاوي عن مالك: أنَّها يمين. وبه قال الشافعي، وأصحاب أبي حنيفة، وابن حبيب من أصحابنا. وفي كتاب محمَّد عن مالك: أخشى أن تكون يمينًا.
قلت: وعلى كونها يمينًا جائزة يدلُّ قَسَم النبي صلى الله عليه وسلم بها، ويتمشى ذلك على قول الفراء: إنها جمعُ يمين. وهو الذي اختاره أبو عبيد. واستدل عليه بقول زهير:
فَتُجمَع أَيمُنٌ مِنَّا وَمِنكُم ... . . . . . . . . . . . . . . (¬1)
قال: وكثر استعمالهم فيه، فحذفوا النون، كما حذفوا نون (لم يك).
قلت: ويلزم على هذا: أن الحالف به يلزمه ثلاثة أيمان؛ لأن الثلاثة أقل مراتب الجمع. وأمَّا على ما فسَّره سيبويه: من أنه مأخوذ من اليُمن والبركة فلا يلزم بها كفارة؛ لأن الحالف بها كأنَّه قال: وبركة الله، ويُمن الله. وذلك راجع إلى الحلف بفعل من أفعال الله تعالى؛ كما لو قال: ورزق الله، وفضل الله. وحينئذ تكون يمينًا غير جائزة، ولو كان ذلك لما حلف بها النبي صلى الله عليه وسلم. فإذًا قول الفراء أولى، إن شاء الله تعالى.
¬__________
(¬1) هذا صدر البيت وعجزه: بِمُقسَمَةٍ تَمُورُ بها الدِّماء.

الصفحة 642