كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 4)

وفي رواية: إِنِّي نَذَرتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَن أَعتَكِفَ يَومًا فِي المَسجِدِ الحَرَامِ، فَكَيفَ تَرَى؟ قَالَ: اذهَب فَاعتَكِف يَومًا.
رواه أحمد (1/ 37)، والبخاري (2042)، ومسلم (1656) (27 و 28)، وأبو داود (3325)، والترمذي (1539)، وابن ماجه (2129).
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويتضمن ذلك الأمر (¬1) الأمر بتحصيل ما لا يصح ذلك المشروط إلا به. وهذه مسألة خطاب الكفار بفروع الشريعة. وقد ذكرنا في أصول الفقه: أن الصحيح أنهم مخاطبون بها، وأنه الصحيح من مذهب مالك وغيره من العلماء. وعلى هذا: فيلزم الكافر ما نذره في حال كفره، كما هو الظاهر من حديث عمر ـ رضي الله عنه ـ هذا. وكذلك يلزمه عتق ما أعتق، وصدقة ما تصدَّق به. فإن أسلم صحَّت له تلك الأعمال كلّها، وأُثيب عليها، كما هو الظاهر من قوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: (أسلمتَ على ما أسلفتَ عليه من خير) (¬2). ومالك - حيث لم يلزمه بشيء - إنما بناه على القول الآخر عنه: في أن الكفار ليسوا مخاطبين بالفروع. والصحيح المشهور من مذهبه، ومذهب أصحابه: أنهم مخاطبون بها. وعلى هذا: يخرج من مذهبه قول آخر في إلزام الكفار ما التزموه من النَّذر والعتق في حالة الكفر. والله تعالى أعلم.
و(قوله: أنه نذر أن يعتكف ليلة) يحتجُّ به من يجيز الاعتكاف بالليل وبغير صوم. ولا حجة له فيه؛ لأنه قد قال في الرواية الأخرى (¬3): (أنَّه نذر أن يعتكف
¬__________
(¬1) في (ل 1): الأصل.
(¬2) رواه أحمد (3/ 402)، والبخاري (1436)، ومسلم (123) (195).
(¬3) في (ج 2): الأولى.

الصفحة 645