كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 4)

وَعُمَرُ آخِذٌ بِيَدِهِ تَحتَ الشَّجَرَةِ - وَهِيَ سَمُرَةٌ، وَقَد بَايَعنَاهُ عَلَى أَن لَا نَفِرَّ، وَلَم نُبَايِعهُ عَلَى المَوتِ.
رواه أحمد (3/ 396)، والبخاريُّ (4154)، ومسلم (1856) (67) والترمذيُّ (1591 و 1594)، والنسائي (7/ 140 و 141).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله بايعناه على ألا نفرَّ، ولم نبايعه على الموت مخالفٌ لما قاله سلمةُ أنهم بايعوه في ذلك اليوم على الموت، وكذلك قال عبد الله بن زيد: وهذا خلاف لفظيٌّ، وأمَّا المعنى فمتَّفق عليه؛ لأن من بايع على ألا يفرَّ حتى يفتح الله عليه أو يُقتل فقد بايع على الموت، فكأنَّ جابرًا لم يسمع لفظ الموت وأخذ غيره الموتَ من المعنى فعبَّر عنه. ويشهد لما ذكرته أنَّه قد روي عن ابن عمر في غير كتاب مسلم أن البيعة كانت على الصبر (¬1)، وكان هذا الحكم خاصًّا بأهل الحديبية، فإنه مخالف لما في كتاب الله تعالى من إباحة الفرار عند مِثلَي العدد كما نصَّ عليه في سورة الأنفال (¬2)، وعلى مقتضى بيعة الحديبية لا فرار أصلًا، فهذا حكمٌ خاصٌّ بهم، والله تعالى أعلم. ولذلك قال عبد الله بن زيد: لا أبايع على هذا أحدًا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم (¬3).
ثم إنَّ الناس اختلفوا في العدد المذكور في آيتي الأنفال (¬4)؛ فحمله جمهور
¬__________
(¬1) رواه البخاري (2958).
(¬2) يشير بذلك إلى قوله تعالى: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 66].
(¬3) أشار المصنف -رحمه الله- بهذه العبارة إلى ما جاء في صحيح مسلم رقم (1861).
ولم نجده في الأصول التي بين أيدينا.
(¬4) يشير إلى قول الله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا. . .} [الأنفال: 65]، وقوله تعالى: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [الأنفال: 66].

الصفحة 67