كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)
(اللَّهُ أَكْبَرُ) اجتَزأ بها من أن يقول: من كُلَّ شِيء.
هذا ما قال. وهو ظاهر في صحة التقدير، وأنه مرادُ العرب ثم أن الذي يدل على أن المراد معنى (مِنْ) أَنَّ (أَفْعَلَ) في هذه المواضع ونحوِها لا تُثَنَّى ولا تجمع ولا تؤنَّث، وما ذاك إلا لمانعِ تقدير (مِنْ) كقوله: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقراً} (1) وقوله: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ} (2) ونحو ذلك. والذي جاء من ذلك على الجمع شاذّ، نحو ما أنشده الفارسي من قول الشاعر (3):
إذَا غَابَ عَنْكُمْ أَسْوَدُ العَيْنِ كُنْتُمُ
كِراَماً وأَنْتُمْ مَا أَقَامَ أَلاَئِمُ
أنشده المؤلف في ((الشرح)) (4)، على أنه جمع (أَلامُ) مجرداً عن تقدير (مِنْ) وحمله الفارسي على أنه جمع (لَئِيم) كَقِطيعٍ وأَقَاطِيع، وحَدِيث وأَحَاديث، وحذَف الزيادة.
وقوله: ((تَقْدِيراً أو لَفْظاً)) ظاهره جوازُ حذف (مِنْ) مطلقاً، ويريد: إذا فُهم المعنى من غير تقييد بقلة ولا كثرة، فتقول: زيدٌ أفضلُ، وأكرمت زيداً ,وأَفْضَلُ.
_______________
(1) سورة الفرقان/ آية 24.
(2) سورة الإسراء/ آية 46.
(3) هو الفرزدق، المغني 381، والتصريح 2/ 102، والأشموني 3/ 51، والعيني 4/ 57، ومعجم البلدان (أسود العين) وليس في ديوان الفرزدق. أسود العين: جبل بعينه. وما أقام: مدة إقامته. يقول: أنتم لئام أبدا، لأن هذا الجبل لا يغيب ولا يزول أبدا.
(4) شرح التسهيل للناظم (ورقة: 148 - أ).
الصفحة 584
699