كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

وضميرُ ((فهو)) عائدٌ على (أَفْعَلَ) وكذلك المستتر في ((قُرِنَ)) وأما هاء ((بِهِ)) فعائد على ((ما)) وهي واقعة على متبوع (أَفْعَلَ).
وإنما كان مطابقا لأنك لا تريد في هذا الوجه بقولك: (زيدٌ أفضلُ الناس) إلاَّ معنى: زيدٌ فاضلٌ في الناس، فصار كاسم الفاعل في الحكم، بخلاف ما إذا نويت معنى (مِنْ) فإنه ليس كاسم الفاعل، فكما تقول في اسم الفاعل: الزيدان فاضِلاَ الناس، والزيدون فاضلُو الناسِ، وهند فاضلةُ النساءِ، وكذلك تقول: الزيدان أَفْضَلاَ الناسِ، والزيدون أفضلُو الناسِ، وهند فُضْلَى النساء.
وعلى هذين الاعتبارين ينبغي الجواز أو المنع في مسألة (يوسف أحسنُ إخوتهِ) (1) فعلى نية معنى (مِنْ) تمتنع المسألة، لأن الإضافة بمعنى (مِنْ) يلزم فيها أن يكون (أَفْعَلُ) بعضَ المضاف إليه، فإذا أضيف المضافُ إليه إلى ضمير الأول لزم إضافة الشِيء إلى نفسه، لأن صاحب الضمير، وهو في المثال (يوسف) داخل في للإخوة. وقد قال الناظم: ((ولاَ يُضَافُ اسْمٌ لِمَا بهِ اتَّحدْ ((مَعْنىً)) (2) فلو قدرتَ أنه خارج منهم لإضافتهم إليه لزم إضافة (أَفْعَلَ) ألى ما ليس بعضاً له، وذلك ممنوع، إذ لا يقال: زيدٌ أفضلُ الحميرِ، على معنى (مِنْ) وإنما يقال هنا: يوسفُ أحسنُ أبناءِ يعقوبَ. ومنه قولهم: ((النَّاقِصُ والأَشَجُّ أَعْدَلاَ بنَي مِرَوْانَ)) (3).
وعلى طَرْح معنى (مِنْ) تجوز المسألة، إذ لا يلزم في هذه الإضافة أن
_______________
(1) انظر في هذه المسألة: شرح الكافية للرضي 2/ 216، وشرح الأشموني 3/ 49.
(2) ذكره في باب ((الإضافة)) من الألفية.
(3) أي عادلاهم، لأنهما لم يشاركهما أحد من بني مروان في العدل. والناقص هو يزيد بن الوليد بن عبدالملك بن مروان، سمي بذلك لنقصه أرزاق الجند، وكان من أهل الورع والصلاح، لم يكن في بني أمية مثله ومثل عمر بن عبدالعزيز (ت 126 هـ). ... =

الصفحة 589