كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

يَنْدُر وقوعُها في الكلام، بل هي، في الحاجة إليها، كالمسألة قَبْلها.
والثاني أنها على شدة الاحتياج إليها قد أغفل الكلام عليها أكثرُ النحويين، على ما زعمه المؤلف في ((الشرح)) (1)، وإنما نقلها من ((التذكره)) للفارسي، فتعيَّن عليه، من أجل ذلك، الاعتناءُ بذكرها.
ويعني أن مجرور (مِنْ) التي يطلبها (أفعلُ التفضيل) على ضربين، أحدهما أن يكون مستفْهَماً به، أي اسماً من أسماء الاستفهام. فهذا يلزم فيه تقديم (مِنْ) ومجرورها على (أَفْعَل) فتقول: مِمَّنْ أنتَ أفضلُ؟ ومِنْ أَيِّهِمْ أكرم؟ ومِمَّ ثوبُك أَطْوَلُ؟ وذلك لأن الاستفهام له أبداً صدرُ الكلام، فلا يجوز تقديم ما يَعمل فيه عليه (2)، فاحتَمل ضَعْفَ التقديم لضرورة الاستفهام، وغَلَّبُوا جهة الاستفهام على جهة ضَعْف العامل الذي هو (أَفْعَلُ) غيرَ متصرِّف في معموله بالتقديم، والاستفهام لا يتأخر عن عامله اللفظي، فالتزموا أحسن الأقبحَينْ، وهو تقديم معمول/ (أَفْعَل) إذ كان قد يتقدم ... 576 قليلاً كما سيذكره. وكذلك إن كان ظرفاً أو مجرورا.
والاستفهام لا يتأخر أبداً، إذ كانت العرب قد الْتَزمت فيه التقديمَ، كما في الشَّرْط والنَّفْي، فلذلك جَزم الناظُمُ بالتقديم في قوله: ((فَلَهُمَا كُنْ ابداً مُقدِّما)) و ((لهما)) متعلِّق بـ (مُقدِّما).
ثم أتى بمثالِ ما قَرَّر، وهو قوله: ((كَمِثْلِ مِمَّنْ أَنْتَ خَيْرٌ))؟
والوجه الثاني من وجَهْي مجرور (مِنْ) ألا يكون مستفهما به، وذلك قوله: ((وَلَدَى إخْبَارٍ التَّقْديِمُ نَزْراً وُجِدَا)).
_______________
(1) شرح التسهيل.
(2) في الأصل ((فلا يجوز تقديم معمول ما يعمل فيه)) وهو تحريف، والصواب ما أثبته من (س، ت).

الصفحة 592