كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)
كذلك، بل يُؤْتَى بحرف الاستفهام نحو: أَمِنْ زيدٍ أنتَ أفضلُ؟
فهذا النوع إما أن يكون حكمه التقديمَ، أعنى تقديمَ (مِنْ) لأجل ما دخل عليها من الاستفهام، فيصير بمنزلة: مِمَّنْ أنتَ أفضلُ؟ فكان من حقه أن يَأتي بكلام يشمل النوعين.
وإما ألاَّ يكون حكمه التقديم، بل يقال: أأنتَ أفضلُ من زيدٍ، كالإخبار من كل وجه، فكان حقه أن يَأتي بعبارة تشمله مع الإخبار، ولا يقول: ((ولَدَى إخْبارٍ)) لكنه لم يفعل ذلك، فصارت المسألة قاصرة، وذلك غير لائق به.
فالجواب أن لهذا المجرور نظرين، نظراً من جهة طلبه للأداة بخصوصه، وبهذا يُشبه الاسمَ المضمَّن، ونظراً من جهة انفصاله منها، وبهذا يُشبه المجرور في الإخبار، فيمكن على الأول أن يُلْحَق بالمضمَّن، إذا كان المضمَّن هذا أصلُه، فقولك: مِمَّن أنتَ أفضلُ؟ في تقدير: أَمِنْ فلانٍ أنتَ أفضلُ أم فلانٍ؟ إلى آخره.
وهذا هو الأصل، أن تَدخل الأداةُ على الذي يضمَّن معناها لا على غيره.
فلو قلتَ على ذلك المعنى: أَأَنْتَ أفضلُ من فلان؟ لتوهَّم السامع أنك مستفهِم عن المفضَّل لا عن المفضَّل عليه، فيقع اللَّبْس، فكان الوجهُ مباشرة الأداة للمستفهَم عنه، فيلزم هنا تقديمُ المجرور/ لأنه المستفهَم عنه بالفرض. ... 577
ويمكن على الثاني أن يلحق بما لا استفهام فيه فتقدم الأداة، ويؤخَّر المجرورُ، فتقول: أأَنْتَ أفضلُ من فلان؟ على أن الاستفهام عن
_______________
الصفحة 594
699