كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

خَيْرٍ منه أبوه (1).
قال السِّيرافي: كأنهم يتأوّلون معنى اسم الفاعل، فـ (خَيْرٌ منه) بتأويل: فاضلٍ عليه أبوه (2). وذلك قليل جدا، وإنما (أَفْعَلُ) عند سيبويه جارٍ مجرى (سَوَاء) و (أبي عَشَرةٍ) في قولك: مررتُ برجلٍ سواءٍ عليه الخيرُ والشرُّ، ومررتُ برجلٍ أَبي عَشَرةٍ أبوه، من حيث ضَعُف عن الصفات كما تقدم، ولذلك أتى بهما جميعاً في بابٍ واحد (3)، وعلى طريق واحد، وإن كان (أَفْعَلُ) أقوى في أعطاء معنى الفعل، لأنه مشتق. قال سيبويه: ((وزعم يونس أن ناساً يَجُروُّن هذا، يعني: خيرٍ منه أَبُوه، كما يجرون: مررتُ برجلٍ خَزٍّ صُفَّتُه)) (4).
ثم أتى بموضع آخر مِمَّا يَرفع فيه (أَفْعَلُ) الظاهرَ، لكن كثيرا فقال: ((ومَتَى عَاقَبَ فعْلاً فكثيراً صَبَتَا)) يريد أن (أَفْعَلُ) إذا صار معناه في الكلام معنى الفِعْل فصار/ الفعل يصح أن ... 578 يعاقبه في موضعه من غير أن يَخْتَلَّ المعنى، ولا يُنقص منه شيء، وهذا معنى المعاقبة- فرفعُه الظاهرَ كثُير ثابت لا ضَعْف فيه ولا نُدور، وذلك هو الضابط عند الناظم، وهو المنبَّه على علة هذا الكلام، وذلك نحو ما مَثَّل به من قوله:
_______________
(1) الكتاب 2/ 27.
(2) انظر: الكتاب 2/ 27 (حاشية).
(3) هو ((باب ما جرى من الأسماء التي تكون صفة مجرى الأسماء التي لا تكون صفة)) [الكتاب 2/ 24].
(4) الكتاب 2/ 27. وفيه ((أن ناسا من العرب)) والخز من الثياب: ما يُنسج من صوف وإبرسيم، أو ما ينسج من إبريسم خالص. والصُّفَّة: ما غُشِّي به السَّرجُ أو الرَّحل، ما بين مقدمه ومؤخره.

الصفحة 596