كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

أَلاَ يا نخْلَةً مِنْ ذَاتِ عرْقٍ
عَلَيْكِ ورَحْمَةُ اللهِ السَّلامُ
إذا لم تُجعل ((ورحمةُ الله)) معطوفاً على الضمير في ((عَلَيْكِ)) وقولِ ذي الرُّمَّة، أنشده سيبويه (1):
كَأَنَّا على أَوْلاَدِ خَطْبَاءَ لاَحَهَا
ورَمْىُ السَّفَا أنْفَاسَهَا بِسَهَامِ
جَنُوبٌ ذَوَتْ عَنْها التَّنَاهِي وأَنْزَلَتْ
/ بها يومَ ذَبَّابِ السَّبِيبِ صِيَامِ 583
أراد في الأول: عليكِ السلامُ ورحمةُ اللهِ، وفي الثاني: لاَحَها جَنُوبُ وَرْمُى السَّفَا.
وقول الناظم: ((يَتْبَعُ في الإعْرابِ)) ولم يَخُصَّ وجهاً من وجوه الإعراب- إنما أطلقه استظهاراً على النحو: علمتُ زيداً قائماً، ورأيتُ
_______________
(1) ديوانه ذي الرمة 610، والكتاب 2/ 99، والأشموني 3/ 118، واللسان (سهم) والرواية فيه كما في الديوان وغيره ((أولاد أحقب)).
يصف إبلا سريعة ضامرة، ويشبهها بأولاد أحقب، وهي الحمر الوحشية التي في بطنها بياض مكان الحقيبة. ولاحها: أضمرها وغيرها. والسفا: شوك البهمي، والحمر تكلف بها.
وأنفاسها: أنوفها، لأنها مخارج النفس. والسهام: وهج الصيف وغبرته. يقول: تأكله وقد هاج ويبس فيصيب مشافرها وأنوفها فيدمِيها.
والجنوب: ريح تقابل الشمال. وذوت: جفت ويبست. وعنها: بسببها. والتناهي: الغدران واحدها تنهبة، وسميت بذلك لأن السيل ينتهي إليها من الوادي ويستقر بها. وقوله: ((أنزلت بها يوم)) معناه أن الجنوب أنزلت الحمير يوماً تذب فيها بأذنابها الذباب الذي يحوم حولها من شدة الحر. والسبيب من الفرس وغيره: شعر الذنب والعرف والناصية. وصيام: قائمة مكانها لا تبرحه، ممسكات عن الرغى وهي صفة لأولاد أحقب. وعلى رواية الشاطبي (خطباء) فالخطباء من حمر الوحش هي الأتان التي لها خط أسود على متنها والذكر أخطب.

الصفحة 608