كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

حسب الخلاف المتقدم (1)، وذلك نحو: قائمٌ وقاعدٌ، من القيام والقعود، ومتكبِّر من التكبُّر، ومنه ما مَثَّل به من قوله: ((كصَعْبٍ وذَرِبٍ))
فصَعْبٌ: صفة مشبَّهة، من: صَعُب الأمر صُعُوبة، ضد: سَهُل، وبعيرٌ صَعْبٌ ضد الذَّلُول.
و(ذَرِبٌ) يحتمل أن يكون بالدال المهملة أو بالذال المعجمة، فإن كان بالمعجمة فهو صفة مشتقة من: ذَرِبَ الشيءُ ذَرَباً وذَرَابَةً، إذا صار حديداً، ولسانٌ ذَرِبٌ، أي حادُّ، وامرأةٌ ذَرِبَةٌ، أي صَخَّابة.
وإن كان بالمهملة فصفة أيضاً مشتقة من: دَرِبَ بالشيء، بكسر العين، دُرْبَةً ودَراَبَةٌ، إذا اعتاده وضَرِىَ به ولزمه.
وهذان المثالان قد يُظَن أنهما لمجرد التمثيل فقط، ولم يُحرز بهما أمراً كما رآه ابن الناظم.
ولقائل أن يقول: بل أحرز بهما أموراً ضروريةً عليه، فلو لم يمثِّل لدخلت عليه، وأَخلَّت بكلامه، وذلك أن (صَعْباً، وذَرِباً) مشتقان للفاعل أو للمفعول أو نحو ذلك فحينئذ يقع نعتاً، وذلك اسمُ الفاعل نحو: قائم، وقاعد، واسم المفعول نحو: مَضْرُوب ومُخْرَج، والصفةُ المشبهةُ باسم الفاعل، وهو مثال الناظم، وأفعلُ التفضيل نحو: مررتُ برجلٍ أكرمَ منك، و ((أَزْهَى من دِيك)) (2).
فهذه الأشياء كلها مشتقة للفاعل أو للمفعول كما في المثال، فلو كان مشتقاً لغير ذلك لم يصح النعت، كأسماء الزمان، وأسماء المكان، وأسماء الآلات، نحو: مَضْرِب، ومَحْبِس، ومَقْتَل، ومِطْرَقَة، ومِطْرَقَة، ومُكْحُلة، وشبه ذلك. ولابد من
_______________
(1) انظر هذا الخلاف في الإنصاف 235 (المسألة الثامنة والعشرون).
(2) من الزهو، وهو الاختيال والتيه، وانظر: الدرة الفاخرة 1/ 213.

الصفحة 624