كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

التحرُّز من مثل هذا.
وأيضاً ففي المثالين وصفٌ ثانٍ معتبَر، وهو كَوْنُ معنى الاشتقاق مقصوداً بالمشتق، لأن القائل: (مررتُ بجَملٍ صَعْبٍ) قاصدٌ لمعنى الصعوبة فيه (1).
وكذلك القائل: (مررتُ برجلٍ ذَرِبٍ) قاصدٌ لمعنى الذُّرْبة أو الذَّرَابة فيه. وكذلك: قائمٌ وقاعدٌ وضاربٌ ومحاربٌ ونحو ذلك.
فلو كان غير مقصود الاشتقاق لم يُنْعَت به، لأنه لم يُقْصَد فيه إلا ما قُصِد في العَلَم من التعريف باسمه فقط.
ومن هذا القسم الأعلامُ الغَلَبِيَّة (2) كـ (الصدِّيق) لأبي بكر، و (الفَارُوقِ) لعمر رضي الله عنهما، و (الصَّعِق) لخُوَيلد بن نُفَيل بن عمرو بن كلاب، فلا شك أنها مشتقة من الصِّدْق والفَرْق والصَّعْق، / ولكن غَلب عليها الاستعمالُ حتى صار المفهوم فيه منها ما يُفهم من العَلَم، ... 591 فلا تقع نعوتاً.
والدليل على ذلك أنك لا تَرفع بها الظاهر، ولا تُحَمِّلها الضمير، فلا تقول: مررتُ بعبد الرحمن الصدِّيقِ أبوه، ولا بعبد الله الفاروقِ أبوه، ولا
_______________
(1) على حاشية الأصل ((قاصد لمعنى الوصف الذي هو الصعوبة فيه)) وقد يكون تفسيرا، أو من نسخة أخرى.
(2) العلم بالغلبة هو أن يغلب اللفظ على بعض أفراد ما وُضع له حتى يصير علما عليه دون غيره، كابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، وابن مسعود فإن هذه الاسماء غلبت على العبادلة حتى صارت علما عليهم دون غيرهم من إخوتهم. وكالمدينة والكتاب والنجم، فإنها غلبت على المدينة المنورة وكتاب سيبويه، والثريا.
وانظر: الجزء الأول عند شرح قول المصنف:
وقد يَصيِر علماً بالغَلَبَهْ مضافٌ أو مصحوبُ آلْ كالْعَقَبَهْ

الصفحة 625