كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

{وكُلٌّ وعَدَ اللَّهُ الحُسْنَى (1)} في قراءة ابن عامر (2). وأنشد سيبويه لامرئ القيس (3):
فَأَقْبَلْتُ زَحْفاً على الركُّبْتَيْنِ
فَثَوْبٌ نَسِيبُ وثَوْبٌ أَجُرُّ
ولهذا أحال في الحكم على الجملة الخبرية، ولم يَذكر في الخبر حكمَ الحذف لأنه قليل فيه.
والشرط الثاني من شَرْطَي الجملة الواقعة نعتاً ألاَّ تكون طَلَبيَّة، وإنما تكون خَبَريَّةِ كما تقدم من المُثُل.
وهذا الشرط غير مشترَط في الخبريةِ، ولذلك قال: ((وامْنَعْ هُنَا إِيقَاعَ ذَاتِ الطَّلَبِ)) أي في الواقعة نعتا، لأنه كما أحال في الحكم على الخبريَّة خاف أن يُفهم أنها تقع طَلَبِيَّة، فلذلك قال: ((وامْنَعْ هُنَا كَذَا)) وظهر أن إيقاعها خبراً غيرُ ممتنع.
وقد أطلق القولَ في وقوع الجملة خبرا في باب ((الابتداء)) بقوله: ((ومُفْرَداً يَلأْتِي ويِأتِي جُمْلَهْ)) ولم يقيِّد ذلك بأَلاَّ تكون طَلَبِيَّة، وهو مذهب الجمهور فيها
_______________
(1) سورة الحديد/ آية 10.
(2) وكذلك هي في مصاحف أهل الشام. وقرأ الباقون من السبعة ((وكُلاً وَعَدَ اللهُ الحُسْنى)) بالنصب. وانظر السبعة لابن مجاهد: 625.
(3) ديوانه 159، والكتاب 1/ 86، وابن الشجري 1/ 93، 326، والمحتسب 2/ 124، والمغني 472، 633، وشرح الرضي على الكافية 1/ 240، والخزانة 1/ 373، والعيني 1/ 545. يذكر أنه طرق محبوبته على خيفة من الرقباء، فجعل يزحف لئلا يشعر به أحد، وجر ثوبه لئلا يرى أثر قدميه فيعرفه القائف.
ويروى صدر البيت ((فلما دنوت تسدَّيتُها)) وهي رواية الديوان، وتسديتها: علوتها وركبتها. كما يروي عجزه ((فثوباً نسيتُ وثوباً أجُرّ)) بالنصب، وعلى هذه الرواية لا شاهد فيه.

الصفحة 634