كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

لقَوْل مقدَّر يقع صفة، فتَخرج الجملة الطلبيَّيةُ بذلك عن كَوْنها بنفسها صفة، ولا يبقى محذور، لأن الطلبية وغيرها تقع مَحْكيَّةً بالقول. فالتقدير: جاءوا بمَذْقٍ يقول فيه من يراه: هل رأيتَ الذئبَ، وكذلك: فإنما أنت أخٌ يقال له: لا نَعْدَمُه.
وهذا كما جاء في الصلة مِمَّا يخالف أصلها، من وقوع الجملة الطلبيَّة صلةً في قوله (1):
وإنِّي لَرَامٍ نَظْرَةً قِبَلَ التَّيِ
لَعَلِّي وإنْ شَطَّتْ نَواهَا أَزوُرُهَا
فأوَّلوها على إضمار القول، أي قِبَل التي يُقال فيها: كذا وكذا.
و((القولَ)) مفعول بـ (أَضْمِرْ) و ((تُصِبْ)) جواب الأمر، والمعنى: تصب وجه ذلك وما أريد به.
وإنما يكون مصيباً لأن إضمار القول جائز في مواضع ذكرها النحويون، كجواب ((أمَّا)) نحو قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُم أكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ (2)} الآية. بناءً على أن القول قد يحذف في كلام العرب إذا دَلَّ عليه الدليل.
وعلى الناظم في هذا سؤالان:
أحدهما أن يقال: هل يَدخل الظَّرف والمجرور تحته إذا كانا يقدَّران بالجملة، فإذا قلت: مررتُ برجلٍ في الدارِ، أو عندَك، فهو في تقدير: استقَرَّ في
_______________
(1) هو الفرزدق، ديوانه 661، وشرح الرضي على الكافية 3/ 10، 67، والخزانة 5/ 464، والمغني 388، 391، 585، والهمع 1/ 296، والدرر 1/ 62، والأشموني 1/ 63. ويروى العجز ((لعلي وإن شَقَّت عليَّ أنالُها)) وهي رواية الديوان، وانظر: الخزانة 5/ 467. والنوى: البعد، والناحية يذهب إليها. وشطت بهم النوى: أمعنوا في البعدى. واستقرت به النوى: أقام.
(2) سورة آل عمران/ آية 106.

الصفحة 637