كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

والجواب أنه لو أحال على حكم الصلة لاقتضى في جملة النعت حكماً غير صحيح، وذلك أنه ذَكر في الموصولات حكم الضمير، وأنه جائز الحذف، على تفصيلٍ من كَوْنه مرفوعاً أو منصوباً أو مجروراً، وعلى اشتراط شروط في كل قسم (1).
وأيضاً فحذفُ الضمير في الصلة كثير جدا على الجملة.
وهذا كله في جملة النعت (2) لا يستقيم، بخلاف جملة الخبر فإن الناظم لم يتعرَّض فيها إلا للزوم اشتمالها على ضمير وأما حذفُه فسَكَت عنه لقلته أو لغير ذلك، فإحالتُه على جملة الخبر أحقُّ وأَوْلَى، ولا يضُّر استثناء حُكم أو حكمين، فإنه قليل، بخلاف ما لو أحال على الصلة، فإن الاستثناء كان يكون أكثر.
فإن قلت: إن إحالته على جملة الخبر يُوهم أن الحذف فيها إذا كانت نعتاً إمَّا غيرُ جائزٌ على قلة، وليس كذلك، بل الحذف فيها كثير.
فمن ذلك ما جاء في القرآن الكريم من قوله تعالى: {واتَّقُوا يَوْماً لاَ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً (3)} أي لا تَجْزي فيه، هكذا تقديره عند سيبويه (4).
وفي قراءة عِكْرِمة (5) {فَسُبْحانَ اللهِ حِيناً تُمْسُونَ وحِيناً تُصْبَحُونَ (6)}
_______________
(1) انظر: 1/ 518، 527، 533.
(2) في الأصل وحده ((في باب النعت)).
(3) سورة البقرة/ آية 48، 123.
(4) الكتاب 1/ 386.
(5) أبو عبد الله عكرمة مولى ابن عباس المفسر. روى عن مولاه وأبي هريرة وعبد الله بن عمر. وعرض عليه أبو عمرو بن العلاء وغيره (ت 105 هـ)، {طبقات القراء 1/ 515}.
(6) سورة الروم/ آية 17. وانظر هذه القراءة في البحر المحيط 7/ 166، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 585، ومختصر شواذ القراءة لابن خالويه 116.

الصفحة 639