كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

أي تمسون فيه، وتصبحون فيه.
وفي قراءة الأخفش: (لا تجْزيهِ) و (تُمْسُونَهُ، وتُصْبِحُونَهُ) وهو مختار ابن جني وغيره، أعني التدريج (1).
وأيضاً قد جاء في الشعر، نحو ما أنشده سيبويه من قول جرير (2):
أَبَحْتَ حِمَة تِهَامَةَ بعدَ نَجْدٍ ومَا شَيْءٌ حَمَيْتَ بمُسْتَبَاحِ
أي حَمَيْتَه. وأنشد أيضا (3):
ومَا أَدْرِي أَغَيَّرهُمْ/ تَنَاءٍ ... 597
وطولُ العَهْدِ أم مالٌ أَصَابُوا
اي أصابوه.
وأيضاً فإذا كان مجرورا بـ (مِنْ) جاز مطلقا نحو: عِنْدِي بُرٌّ كُرٌّ بدرهم (4)، أي كُرٌّ منه,
ومنه قول ذي الرمَّة (5):
_______________
(1) قال ابن جني في المحتسب (2/ 163): ((ثم حذف ((فيه)) معتبطا لحرف الجر والضمير لدلالة الفعل عليهما. وقال أبو الحسن: حذف (في) فبقي (تجزيه) لأن أوصل إليه الفعل، ثم حذف الضمير من بعد، ففيه حذفان متتاليان شيئا على شيء. وهذا أرفق، والنفس بع أبسأ من أن يعتبط الحرفان معا في وقت واحد)) وانظر في التدريج: الخصائص لابن جني 1/ 347.
(2) تقدم الاستشهاد بالبيت وتخريجه في الباب نفسه.
(3) للحارث بن كلدة، وتقدم الاستشهاد به في الباب نفسه.
(4) الكر: مكيال لأهل العراق.
(5) ديوانه 16، يصف حمر وحش. وسفح الجبل: ما ارتفع عن مسيل الوادي. ومعنى ((يقعن بالسفح)) يضربن بحوافرهن سفح الجبل من شدة العدو. والهاء في قوله: ((ما قد رأين به)) إما عائدة على سفح الجبل، لأن بيت الصائد يكون فيه، وإما عائدة على الصائد، أي مما قد رأين من تلهف الصائد وحرصه على صيدها. والمَعزاء والأمعز: المكان الكثير الحصى الصلب. والمعنى أن حصى المعزاء يكاد يلتهب من شدة عدوهن ووقع حوافرهن.

الصفحة 640