كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

وكذلك: رجلٌ رِضاً، وزَوْرٌ، وصَوْمٌ، ودَنَفٌ، وحَرىً بكذا، وقَمَنٌ.
وكذا: خَصْمٌ، وضَيْفٌ، فلم يُثَنَّوا ولم يَجمعوا ولم يُؤَنَّثوا، ولذلك قال الناظم: ((فَالتَزَمُوا الإفْرَادَ والتَّذْكِيرَا)).
فلا يجوز أن يقال: امرأةٌ عَدْلَةٌ، بل أَلْزَموا التذكيَر، ولا يجوز أن تقول رجلان عَدْلان، وكذلك الجمع، فَأَلْزَموا الإفراد إلا أن يُسمع.
وأما ابن دَرَسْتَوَيْهِ (1) فقال: إن أصل الصفة من المصدر، وتأويلها تأويلُ ذي الفعل، فإذا قلت: (عادلٌ) فمعناه: ذو عَدْلٍ، و (مَرْضِيٌّ) معناه: ذو رَضاً، فوُضع اسمٌ واحد موضعَ اسمين اختصارا. ومن كلامهم أن يُحذف المضاف ويُقام المضاف مُقامه إيجازاً إذا كان لا يَلْتَبِس، فقولهم: ((عَدْلٌ)) في (رجلٌ عَدْلٌ) معناه: ذو عَدْلٍ، و (امْرَأةٌ رَضاً) معناه: ذاتُ رِضاً، فكما وُضع الفاعل والمفعول موضعَ الصفة كذلك وُضع المصدر الذي هو أصل جميع ذلك، إذ لم يُلْبِس، لأنه قد علم أن الرجل جِسْمٌ، وأن العَدْل عَرَضٌ (2)، فلا يكون إياه، وإنما معناه: ذو عَدْلٍ، فعلى هذا جاءت المصادر صفاتٍ طلباً للاختصار. قال: فإذا جُعلت المصادر صفاتٍ فالوجه ألاَّ تُثَنَّى ولا تجمع ولا تؤنث اعتباراً بأصلها، وإنَّما ثَنَّوا منها وجَمعوا وأَنَّثوا ما كثر استعماله في الوصف حتى زال عن شبه المصادر، ودخل في باب الأسماء والصفات، وذلك قليل.
_______________
(1) تقدمت ترجمته.
(2) الجسم: كل ماله طول وعرض وعمق. وعند الفلاسفة: الجوهر القابل للأبعاد الثلاثة، الطول والعرض والعمق.
والعرض: ما يطرأ ويزول من مرض ونحوه. وعند الفلاسفة: ما قام بغيره، كالبياضُ والطول والقصر. وضده الجوهر، وهو ما قام بنفسه.

الصفحة 644