كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

وكأنه يُجيز ذلك قياسا وإن قَلَّ في السماع، فمخالفته في وجهين، في جواز الوصف به، وفي جواز تثنيته وجمعه وتأنيثه إذا كثر استعماله.
وللناظم أن يقول: إن السماع هو المتَّبَع، وهذا- وإن كثر- فلا يبلغ مبلغَ أن يُقاس.
والمسألة مُحْتَمِلة، وهي نظيرة وقوع المصدر حالا، وقد قال هنالك: ((ومَصْدَرٌ مُنَكَّرٌ حالاً يَقَعْ بكَثْرَةٍ)) البيت (1).
فلم يتقيَّد لقياس كما فَعل هنا، فإن المسألة في النعت والخبر والحال واحدة، ولذلك يَستدلون على أحدها بالآخر.
ومما ألزم فيه الإفرادُ والتذكير قولُ زُهَير (2):
مَتَى يَشْتَجِرْ قَوْمٌ يَقُلْ سَرَوَاتُهُمْ
هُمُ بَيْنَنَا فَهُمُ رِضاً وهُمُ عَدْلُ
وقال العَّجاج (3):
* والشَّمْسُ قد كادَتْ تَكونُ دَنَفَا *
_______________
(1) البيت بتمامه في باب ((الحال)) هو:
ومَصْدَرٌ منكَّرٌ حالاً يَقَعْ بكَثْرةٍ كبَغْتَةٌ زيدٌ طَلَعْ
(2) ديوانه 107، والخصائص 2/ 202، والمحتسب 2/ 107، واللسان (رضى).
من قصيدة قالها في هرم بن سنان والحارث بن عوف المريين.
ويشتجر: يختصم. وسرواتهم: أشرافهم. وهم بيننا: هم الحاكمون بيننا، كما تقول: الله بيني وبينك.
(3) ملحقات ديوانه 82، والخصائص 2/ 119، واللسان (دنف).
وأصل الدنف: المرض الملازم، ورجل دنف: براه المرض حتى أشفى على الموت. أراد: حين اصفرت الشمس، وتدانت للغروب، فكأنها دنف حينئذ وتلك استعارة مليحة.

الصفحة 645