كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

(فإن كان عائدًا على العرب (1)) وهو الظاهر من قوله: ((ونَعَتُوا/ بمَصْدَرٍ كثَيِراً)) فإنما 599 يريد العرب، إذ لو أراد النحويين، وأنه قياسٌ عندهم لم يقل: ((كَثِيراً)) لأن الوصف بالكثرة لائقٌ بنقل السماع لا بإعمال القياس، فيُشكل على هذا إخبارهُ عنهم إلزامَ الإفراد والتذكير، لأنهم قد جَمَعوا وثَنَّوْا وأَنَّثُوا، ففي القرآن الكريم {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا في رَبِّهِمْ (2)} وفيه {وهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُ الخَصْمِ إذْ تَسَوَّروُا المحْرَابَ (3)} ثم قال: {قَالُوا لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ (4)} وقالوا: خُصُومٌ ايضاً، وقالوا: عُدُولٌ، جمع عَدْل. وتقول العرب: رجالٌ ضَيْفٌ، وأَضْيَافٌ، وضُيُوفٌ، وضِيفَانٌ. وامرأةٌ ضَيْفَةٌ. وقال البَعِيث (5):
لَقَدْ حَمَلَتْهُ أمُّهُ وهْيَ ضَيْفَةٌ
فجاءَتْ بِيَتْنٍ للضِّيَافَةِ أَرْشَمَا
إلى أشياء من هذا، إذا تُتُبِّعتْ وُجِدَتْ، فلا يقال فيما هذه سبيله: إنهم الْتَزموا فيه الأفرادَ والتذكير.
وإن كان الضمير عائداً على النحويّين كان فيه قُبْحُ اختلافِ
_______________
(1) ما بين القوسين ساقط من (ت).
(2) سورة الحج/ آية 19.
(3) سورة ص/ آية 21.
(4) سورة ص/ آية 22.
(5) اللسان (ضيف، رشم، يتن).
والبيت من قصيدة للبعيث يهجو فيها جريرا، وفيه عدة رزايات. وضيفة: حائض، يقال: ضافت المرأة، إذا حاضت، لأنها مالت من الطهر إلى الحيض. وقيل: معناه أنها ضاقت قوماً فحبلت في غير دار أهلها. واليتن: الولد تضعه أمه منكوسا، اي تخرج رجلاه قبل رأسه ويديه. والأرشم: الذي يتشمم الطعام ويحرص عليه.

الصفحة 647