كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

الضمائر، بعَوْد ضمير ((ونَعَتُوا)) على غير مضن عاد عليه ضمير ((فالْتَزَمُوا))
وأيضاً فإنه يقتضي أن هذا الباب قياس، لأن هذا الإلزام لا يكون إلا بالقياس، وإلا فالسماع لا يُلْزِم ذلك. فالحاصل أن كلامه مُشْكل.
فالجواب أن الأَوْلَى أن يُجعل الضمير في ((فَالْتَزَمُوا)) للنحويين، وإن كان فيه مخالفةُ الضمائر، لأنهم الذين أَلْزَموا ذلك إذا قاسوا ذلك، أو قال بالقياس منهم أحد، من حيث كان شائعاً في الكلام، وكأنَّه يقول: إن العرب جاء عنها النعتُ بالمصدرَ كثيرا، فألزم النحويون لأجل ذلك ما يلزم المصدرَ غيرَ المحدود، من الإفراد والتذكير فإن ذلك غير شاذ (1).
ونَعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ إذا اخْتَلَفْ
فعَاطِفاً فَرِّقْهُ لا إِذَا ائْتَلَفْ
النعوت على قسمين، أحدهما أن تكون جاريةً على منعوتٍ واحد، فهذا لا إشكال فيهن وهو الذي جرى الكلامُ فيه قبل هذا.
والثاني أن تكون جاريةً على غير واحد، بل على اثنين أو جماعة.
وهذا الثاني على ضَرْبينِ ايضا، أحدهما أن يكون المنعوت مثنىً أو مجموعاً غيرَ مُفَرَّق. والثاني أن يكون مفرقاً.
وتفريقُه إمَّا لأن التَّثْنية والجمع فيه لا يَتَأَتَّى، فيقوم العطفُ مَقامها، وإمَّا لتعدُّد عاملِ المنعوت.
فإن كان مثنىً أو مجموعاً فهو الذي تكلَّم فيه في هذين البيتين، ويعني أن نعت غير الواحد، وهو المذكور آنفاً، لا يخلو أن يكون مختلِفاً أو مؤتلِفاً.
ومعنى كونه مختلِفاً أن يُنعت أحدُهما بخلاف ما يُنعت به الآخر. والمخالفةُ
_______________
(1) في (ت، س) ((فإن غير ذلك فشاذ)) وأظنه تحريفا.

الصفحة 648