كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

هنا مُتَّحدة المعنى وإن اختلفت ألفاظُها فيصح الإتباع.
والثاني أن يَتَّحد عملُهما في المعمولين فلا يعملان فيهما إلا رَفْعَيْن أو نَصْبَيْن أو جَرَّينْ، كما مضى بيانه في الأمثلة.
فإن تخلف شرط من هذين الشرطين فيقتضي كلامه أَنْ لاَ إتباعَ أصلا، فإذا قلت: جاء زيدٌ وذهب عمروٌ العاقلان، فـ (العاقلان) لا يصح عنده أن يكون مُتْبَعاً.
وكذلك إذا قلت: ضربتُ زيداً، وأكرمتُ عمراً الأحَمْرينِ، ومررتُ بزيدٍ، وجئت إلى عمروٍ الفاضلَيْن. لا يجوز في شيء من هذا الإتباعُ، لأنك إن أتبعتَ لابد أن يكون العامل في النعت هو العامل في المنعوت، وإذا كان كذلك والنعتُ لفظٌ واحد فَيقتضي أن يعمل عاملان يَقتضيان معنَيْن مختلفين في معمول واحد، وذلك غيرُ مْمكن، لأن العمل واحد فلا يتأتى إلا لواحد.
وكذلك إن تخلف الشرط الثاني لم يصح الإتباع، فإذا قلت: ضربَ زيدٌ، وضربتُ عمراً العاقلان، أو العاقَليْن، لم يكن إلا قَطْعاً، لأن عملَيْن مختلفين في معمول واحد بجهة واحدة لا يصح. قال في الكتاب: ولا سبيل إلى أن يكون بعضُ الاسم جَراً، وبعضُه رَفْعاً (1).
فأما إذا اتَّحدا معنىً وعملاً فلا مَحذور، لأن العاملين من جهة المعنى شِيء واحد، فكأن الثاني إنما سِيق لمجرد التوكيد، فقولك: جاء زيدٌ، وجاء عمروٌ العاقلان، بمثابة قولك: جاء زيدً وعمروٌ العاقلان، ولا إشكالَ في صحة مثل هذا، فكذلك في ما كان بمعناه.
وإذا قلت: ذهب زيدٌ، وانطلق عمروٌ العاقلان- فهو في تقدير: ذهب
_______________
(1) الكتاب 2/ 58.

الصفحة 652