كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

فإن لم يتفقان في ذلك فلا أذكر خلافاً منصوصاً في منع هذا، نحو: هل جاءَ زيدٌ فيكرمَه عمروٌ العاقلان، وجاء زيدٌ فهل أتاكَ أخزه العَاقلان؟
ووجه المنع ما ذكره سيبويه في مسألة: مَنْ عبدُ اللهِ وهذا أخوه الرجلان الصالحان، لأنك خلطت مَنْ تَعْلَمُ ومَنْ لا تَعلم، فجعلتَهما بمنزلة واحدة في النعت. وذلك متدافِع، وقد تقدم ذلك (1).
وإن اتفقا في معنى عامل ثالث فالخليل وسيبويه يجيزان الإتباع، لأنهما أجازا: ذهبَ أخوك، وقَدِمَ عمرو الرجلان الحليمان، وهذا أبوك، وأنا أخوك الفقيران (2).
ومنع ذلك الناظم، وهو رأي المبرّد والزجَّاج وابن السَّراج وجماعة (3). وحجةُ المجيز أن مذهب عمل الفعلين واحد وإن اختلف معناهما، لأنهما قد يجتمعان في معنى فعلٍ ثالث.
ألا ترى أنك إذا قلت: قامَ زيدٌ، وقعَد عمروٌ العاقلان، في معنى (اخْتَلَفا) فقد رجعا إلى معنى فعلٍ واحد يعمل في المنعوتين، فيصحُّ الإتباع، فكأنا قلنا في المسألة: فَعَلَ أخوك وعمروٍ الرجلان الحليمان هذين الفِعْلَيْن.
_______________
(1) الكتاب 2/ 60، وانظر: ص 297 (هامش 1).
(2) الكتاب (2/ 60) وعبارته ((وتقول: هذا رجل وامرأته منطلقان، وهذا عبد الله وذاك أخوك الصالحان، لأنهما ارتفعا بفعلين، وذهب أخوك وقدم عمرو الرجلان الحليمان)).
(3) قال المبرد في المقتضب (4/ 315): ((وكان سيبويه يجيز: حاء عبد اللهِ، وذهب زيد العاقلان، على النعت، لأنهما ارتفعا بالفعل، فيقول: رفعهُما من جهة واحدة. وكذلك: هذا زيد، وذاك عبد الله العاقلان، لأنهما خبر ابتداء. وليس القول عندي كما قال، لأن النعت إنما يرتفع بما يرتفع به المنعوت، فإذا قلت: جاء زيد، وذهب عمرو العاقلان- لم يجز أن يرتفع بفعلين، فإن رفعتهما بجاء وحدها فهو محال، لأن عبد الله إنما يرتفع بذهب، وكذلك لو رفعتهما بذهب لم يكن لزيد فيها نصيب. وإذا قلت: هذا زيد فإنما يرتفع ومعناه الإشارة إلى ما قرب منك، وذاك لما بعد، فقد اختلفا في المعنى)) وانظر: كتاب الأصول لابن السراج 2/ 41، 42.

الصفحة 657