كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

العاقلُ وإذا قلت: هذا محمدٌ العاقلُ فهو في تقدير: هذا العاقلُ، فالنعت هنا خبرٌ في المعنى. فلو أتبعتَ في قولك: هذا زيدٌ وقام محمدٌ العاقلان لكان (العاقلان) من حيث هو تابعٌ للخبر خبرا، ومن حيث هو تابعٌ للفاعل فاعل. وهذا غير جائز، أن يرتفع اسمٌ واحد من جهتين مختلفتين.
وأيضاً فلو اعتُبر وصفُ التبعيَّة دون العامل لجاز الإتباع في قولك: ضرب زيدٌ عمراً العاقلَيْن، (لأن وصف التبعيَّة موجودٌ دون العامل، ولقلت: جاء زيد، ورأيت عمراً العاقلين كذلك) (1) وهذا باطل باتفاق.
فإن قيل: المانُع هنا اختلافُ التبعيَّة بخلاف مسألتنا- قيل: فيلزم أن تقول: هذا زيدٌ، ومَنْ محمدٌ العاقلان؟ لأن التبعية مُتَّفِقة، ولا اعتبار عنده بالعامل. وهذا كله غير مستقيم.
فالصحيحُ ما رآه الناظم والجمهور. هذا كله مع اتحاد العمل.
فإذا اختلف العمل فلا أعلم خلافاً في منع الإتباع إلا في مسألة واحدة، وهي فيما إذا كان العاملان كلُّ واحد منهما من أفعال (المفاعلة) حتى يكون مرفوعُه في معنى المنصوب، وبالعكس، فإن النقل عندهم جوازُ نحو: ضارَبَ زيدٌ عمراً العاقلان أو العاقلَيْن، على الإتباع فيهما، لأن كل واحد من المرفوع والمنصوب في تقدير صاحبه وفي معناه، فكأنهما مُعربان بإعرابٍ واحد.
وما يدل على صحة هذا القياس أن العرب تعامل المرفوع في باب (المفاعلة) معاملةَ المنصوب، حتى إنها ترفع فاعِلَيْن، وتنصب مفعولَيْن مع/ الاستغناء عن الفاعل، فتقول: ... 605 ضارَب زيدٌ عمروٌ، وضاربَ زيداً عمراً،
_______________
(1) ما بين القوسين ساقط من (ت).

الصفحة 659