كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

فمن الأول ما أنشده سيبويه لأَوْس بن حَجَر (1):
تُوَاهِقُ رِجُلاَهَا يَدَاهَا ورَأْسُهُ
لَهَا قَتَبُ خَلْفَ الحقَيِبةِ رَادِفُ
فرفع ((رِجْلاَها ويَداهَا)) معاً، اعتباراً بأن كل واحد منهما فاعلٌ مفعولٌ.
ومن الثاني قول الآخر، أنشده سيبويه أيضا (2):
* قَدْ ساَلَمَ الحَيَّاتِ منه القَدَمَا *
روُى بنصب ((الحَيَّاتِ)) و ((القَدَم)) منصوب، ولا فاعل لـ (ساَلَمَ) اعتباراً بما تقدم.
فإذا كان كذلك فلا محذور في جَرَيان النعت على ذلك التقدير، ويتخرَّج الجوازُ في العاملين على المعمول الواحد، فيجوز أن تقول: ضارَبَنِي زيدٌ، وضارَبْتُ عمراً العاقلان، والعاقلَيْن، لأنه في تقدير: ضاربَنِي زيدٌ، وضَاربنِي عمروٌ العاقلان، أو ضاربتُ زيداُ، وضاربتُ عمراً العاقلين. وهذا أَوْلَى بالجواز من مسألة العامل الواحد، فإن الاعتبارين يتضادَّان مع العامل الواحد، ولا يتضادَّان مع العاملين.
والصحيح عدمُ الجواز في الجميع، لأن معنى التبعيَّة الموافقةُ في الإعراب،
_______________
(1) ديوانه 73، وسيبويه 1/ 287، والمقتضب 3/ 285، والخصائص 2/ 425، واللسان (وهق). وتواهق: تساير. والقتب: الرجل الصغير على قدر سنام البعير. والحقيبة: كل ما يحمل وراء الرجل. يصف حماراً من حمر الوحش يجري وراء أتان، فرجلاها توافقان يدي هذا الحمار، والحمار يضع رأسه خلفها في سيره، ملازما لها ومزعجا، وكأن رأسه قتب خلف حقيبتها. ويروى ((يداه)) كما في الديوان واللسان، وهي الأجود.
(2) للعجاج أو مساور بن هند العبسي أو غيرهما. وهو من شواهد الكتاب 1/ 287. والخصائص 2/ 430، والأشموني 3/ 67، والعيني 4/ 80، واللسان (ضرزم). يصف راعيا بخشونة القدمين، وغلظ جلدهما، حتى أصبحت الحيات، مهما كانت خبيثة، لا تؤثر فيهما.

الصفحة 660