كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

الإشارة، لأنه إذا نُعت بالمشتق فهو على حذف الجامد، والاسمُ الظاهرُ غير المبهم إذا نعت بالمشتق فليس على حذفِ جامد، فتدافع الأمران فامتنع.
وكذلك لا تقول: جاءني هذا، وجاءك ذاك الرجلان، للفصل اللازم. وكذلك امتنع أيضاً في جمع المنعوت وتفريق النعت أن تقول: مررتُ بهذين الرجلين والمرأةِ. ومررت بذَيْنك الطويلِ والقصيرِ. وهو ايضاً مما يَرِدُ عليه في الفصل قبل هذا حيث قال:
((ونَعْتُ غيرِ واحدٍ إذا اخْتَلَفْ
فَعَاطِفاً فَرِّقْهُ لا إذَا ائْتَلَفْ))
فإنه يقتضي جواز هذه المسألة وهي غير جائزة.
وقد عُلِّل ذلك بأوجه؛ منها أن النعت يربطه بالمنعوت الضميرُ العائد عليه من النعت، فجاز أن يجيء النعت مُشَاكِلاً للمنعوت في التَّثْنية، وأَلاَّ يأتي كذلك، بخلاف نعت الإشارة، فإنه بالجامد إمَّا لفظاُ وإما تقديرا. والجامد لا ضمير فيه، فلم يبق رابط إلا المشاكلة، فلا يصح أن يقال: مررت بهذين الطويلِ والقصيرِ، ولا بهذين الرجلِ والمرأةِ.
وعلى هذا أيضاً يمتنع ما تقدم، لأن قولك: جاءني هذا، وجاءك ذاك الرجلان، أو مررتُ بزيدٍ، ومررتُ بهذا العاقلان- قد فُقدت فيه مناسبةُ النعت لاسم الإشارة فالحاصل ثبوتُ الاعتراض على المسألتين معاً، فإن إطلاقه فيهما يقتضي حكماً غير صحيح.
وأما كونُ أحد الشرطين يوجب القَطْع، أعني قطعَ النعت إلى الرفع أو النصب، فذلك غير صحيح على الإطلاق، بل ذلك على ضربين.
أحدهما أن يكون كلا المنعوتين في جملة خَبَرية، أو جملة غير خَبَرية نحو
_______________

الصفحة 665