كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

وهو كثير، فلا مُسْتَنَد لهذا القول ولا سَلَف.
فكأن الناظم يقول: اقطع الجميعَ أو أَتْبِعْها، أو اقطع بعضاً دون بعضٍ مُعْلِناً بذلك من غير قَيْد، فالجميع جائز.
ولا فرق في ذلك بين المعرفة والنكرة، بل يجوز أن يقال: مررتُ برجلٍ عالمٍ صالحٌ، كما تقول: مررتُ بزيدٍ العالمِ الصالحُ.
ثم على كلامه سؤالات، أحدها أن الذي يَتْبع من النعوت ثلاثةٌ، نعتُ البيان المنبَّه عليه، وهو المفتَقَر إليه.
ونعت التوكيد نحو قوله تعالى {فَإذِاَ نُفِخَ في الصُّورِ نَفْخَةٌ واحدَةٌ} (1)، {وقَاَل اللهُ لاَ تَتَّخِذُوا إلَهَيْنِ اثنَيْنِ} (2)، ونحو ذلك وهذا مُتَّفَق على منع القطع فيه. وما وُضع من النعوت على اللزوم نحو: مررتُ بهم الجَمَّاءَ الغَفِيرَ، وطَلَعَتِ الشَّعْرىَ العَبوُرُ (3). وهذا أيضاً مُتَّفَق على منع القطع فيه.
وأما القسم الأول فالظاهر من كلام النحويين لزوم الإتباع أيضا، إلا أن ابن أبى الرَّبيع (4) أجاز فيه القطعَ إلى النصب بإضمار فعل، وإلى الرفع
_______________
(1) سورة الحاقة/آيه 13.
(2) سورة النحل/آيه 51.
(3) يقال: جاء القوم الجماءَ الغفيرَ، أي جاءوا بجماعتهم، الشريف والوضيع، ولم يتخلف منهم أحد، وكانت فيهم كثرة. والغفير: وصف لازم للجماء، يعني أنك لا تقول: جاءو الجماء، وتسكت. وانظر: اللسان (غفر، جمم). والشعرى: شعريان، أحدها الغُمَيْصاء، وهو أحد كوكبي الذراعين، والثاني العَبُور، وهو كوكب نيَّر يقال له المرزم، يطلع بعد الجوزاء عند شدة الحر، وسميت عبورا لأنها عبرت المجرة. وانظر: اللسان (شعر، عبر)
(4) هو أبو الحسين عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله بن محمد ابن أبي الربيع الإشبيلي. إمام أهل النحو في زمانه، صنف: شرح الإيضاح، وشرح سيبويه، وشرح الجمل، وعشرة مجلدات، لم يشذ عنه مسألة في العربية (ت 688 هـ). بغية الوعاة 2/ 125.

الصفحة 676