كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

بل هو عندهم الأفصح.
فأما إذا كان خاصاً بمن جرى عليه في المعنى فالإتباع هو الوجه الشائع، والقطع قليل.
ويَطَّرِد هذا في صفات الله تعالى، لاَ يتَّصِف بها غيرهُ، كقوله: {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَميِن * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ملِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (1)، فإن الجرَيان هنا على الموصوف هو الشائع. ولذلك لم يَقْرأ في بعضها بالقطع إلا قليلٌ.
ومنه قوله تعالى: {حم * تَنْزِيلُ الكتَابِ مِنَ اللهِ العَزِيزِ العَليِمِ * غَافِر الذَّنْبِ وقَابِل التَّوْبِ شَدِيدِ العِقَاب ذىِ الَّطْولِ} (2). ومثل هذا في القرآن كثير جدا.
وفي الشعر قولُ عَمْرو بن الجَمُوح (3):
الحمدُ لِلَّهِ الغنيِّ ذِى المِنَنْ
الواهبِ الرزَّاقِ دَيَّانِ الدِّيَنْ
وهذا الشرط نَبَّه عليه سيبويه في قوله: وسمعنا بعضَ العرب يقول: {الحمدُ لَلَّهِ رَبَّ العَالَمِينَ} فسألت عنها يونس، فزعم أنها عربية (4).
وبَسْطُ وجه ذلك ذَكره ابن الزُّبَيْر الأندلسي شيخُ شيوخنا (5) في كتابه ((مِلاَك الَّتْأوِيل)) وهي من مسائله الحِسَان.
_______________
(1) سورة الفاتحة/آيه 2، 3، 4.
(2) سورة غافر/آيه 1، 2، 3.
(3) لم أجده.
(4) الكتاب 2/ 63.
(5) هو الأستاذ أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بي الزبير الأندلسي، كان محدثاً جليلا، ناقدا نحوياً أصوليا، أديبا فصيحا مفوَّها، مقرئاً مفسراَ مؤرَّخا. أقرأ القرآن والنحو والحديث بمالقة وغرناطة وغيرهما. صنف تعليقا على كتاب سيبويه، والذيل على صلة ابن بشكوال (ت 708 هـ). بغية الوعاة 1/ 291.

الصفحة 678