كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

وأجيب بأن هذه النعوت تُتِّم ما سَبق بحسب القَصْد، فإذاً قد كان الكلام ناقصاً دونها بحسب القصد، وهو معنى كون المنعوت بها مفتَقِراً لذكرها. وعلى هذا التقدير تَدخل له نعوتُ المدح والذم والترحم في الحكم بلزوم الإتباع، وإذ ذاك لا يبقى لقوله: ((واقْطَعْ أَوِ اتْبَعْ)) معنىً ينزَّل عليه، وفَسدت المسألة جملة.
فالجواب أن العبارتين منزَّلتان على معنيين لا على معنى واحد، لأن قوله أول الباب ((مُتِمُّ ما سَبَق)) لا يستلزم أن السابق مفتقَر له في العلم به، وإنما يستلزم أنه مكمِّل له على الجملة.
وهذا التكميل تارةً يكون مفتَقَراً إليه، فيكون النعت إذْ ذاك لازمَ الإتباع، كنعت البيان، وتارةً يكون غير مفتَقَر إليه في معرفة النعوت، وذلك نعت المدح والذم والترحُّم، فلا يكون لازمَ الإتباع. وهذا صحيح.
وأمَّا نعت الإشارة فهو للبيان، لأنه مفتقر إليه فلا اعتراض عليه.
فقد حصل أن الخاصَّ بحكم جواز القطع نعتُ المدح والذم والترحُّم. وأمَّا اشتراطُ ألا يكون خاصاً بمن جَرى عليه فلا يُلْقَى من تَرْكه محظور، لأن القطع والإتباع جائزان في الخاص وغيره على الجملة وكثيراً ما يُطلق الناظم القولَ بجواز الوجهين وإن كان أحدهما أرجَح بناءً على صحة القياس فيهما.
وأَمَّا اشتراط ما شَرطه ابن مَلكْون (1) فذلك غير لازم، بل هو توجيةُ القطع لمن قَطع ومن لمَ يَقْطع، فوجهُه بناءُ الكلام على ذكر الوصف، كما أنهم يُجيزون/ الوجهين في: زيدٌ طنتُه 615 قائمُ، وزيداً ظننتُ قائماً، بناءً على المقصدين، ولم يكن ذلك قادحاً في إجازة الوجهين عند أهل
_______________
(1) وهو ألا يبني كلامه على ذكر الصفة، وإنما يبدو له ذكرها بعد شروعه في المتكلم. وقد تقدم، انظر: ص 679.

الصفحة 683