كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

النحو، فكذلك هنا، فإنه من باب اعتبار المقاصد البيَانِيَّه، وذلك وظيفةُ البَيَانِيَّ وليس على النحويّ اعتبارُ ذلك من حيث هو نحوي، فقد ظهر أن الوجه اعتبارُ ما اعتبره الناظم، وما سوى ذلك زيادةٌ. والله أعلم.
والجواب عن الثاني أن الإتباع بعد القطع مختلفٌ فيه بين النحويين، فمِنْ مُجيز ومانع، فمِنْ حُجَّة المانع ما تقدَّم (1).
ومن حجة الُمجِيز أنه لا يَلْقَى فيه من جهة القياس محظوراً إلا الفصلَ بين النعت والمنعوت، وذلك جائز على الجملة.
وأيضاً فالنعت المقطوع هنا في حكم المتْبَع، لأن الجميع مستغنىً عنه، ولم يُؤْتَ به إلا لكونه مدحاً للأول، وذلك حاصل.
وليس في حكم الجملة أيضاً، ولو كان في حكم في حكم الجملة لكان الموضع خَلِيقاً بأن يَظْهر الجزءُ الآخرُ يوماً مَا، لكنهم لم يفعلوا ذلك، فدل على أن المقطوع في الحكم كالمُتْبَع، وإنما تقديرُ المحذوف أمرٌ صناعي، وهو في المعنى معدوم، يُنْظر إلى ذلك ما قالوا في (عَمْرو) من قولك: (إنَّ زيداً قائمٌ وعمروٌ): إنه من باب عطف المفردات، وإن كان ظاهرُ الصناعة أنه مبتدأ محذوف الخبر، بناءً على تناسي المحذوف، حتى قالوا: إن زيداً قائمٌ لا عمروٌ، فعَطفوا بـ (لا) التي لا يُعطف بها إلا المفرد، فكذلك هنا قَطعوا بناءً على العلم بالمنعوت، ولم يُظْهروا إلا المقدَّر بناء على جَعْله وصفاً للأول. فإذا كان كذلك صار القطع والإتباع في نَمَطٍ (2) واحد من جهة المعنى.
_______________
(1) وهي ما يلزم من الفصل بين النعتُ والمنعوت، أو بين المنعوتين، بجملة أجنبية، وأن طباع العرب تأبى الرجوع إلى الأمر بعد الانصراف عنه.
(2) النمط-بفتحتين- الطريقة أو الأسلوب، والجماعة من الناس أمرهم واحد، والصنف أو النوع أو الطراز من الشيء.

الصفحة 684