كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

وكذلك لو أُقيمت الجملةُ مُقام النعت لم يُفهم المنعوت نحو: رأيتُ صاحبهُ في الدار، وما أشبه ذلك.
فمن لوازم هذه النعوت أنها لا تدل على منعوتها لو حُذف، فقد استقَلَّ ذلك الشرطُ المذكور بحصول القَصْد من غير زيادة.
وإذا فُرض العلمُ به في موضع لا يُلْقَى به محضورٌ لفظيٌ يجوز أن يُقاس، كما أذا كان المنعوت مبتدأ نحو قولك: ما مِنَ البشَرِ إلاَّ يَنْسَى، والناسُ رجلان، منهما يَعْقل ما يُراد به، ومنهما لا يَعْقل ذلك.
وفي القرآن الكريم {وَإِنْ مِنْ أَهْل الكِتَاب إلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} (1)، (التقدير: وإنْ من أهل الكتاب أحدٌ إلا ليؤْمِنَنَّ بِهِ) (2). وكذلك قوله: {ومِنَ الَّذِينَ أَشْرَموُا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} (3)، وقال ابنُ مُقْبِل (4):
ومَا الدَّهْرُ إلاَّ تارتَانِ فمِنْهمَا
أموتُ وأخرىَ أَبْتَغيِ العَيْشَ أَكْدَحُ
وقال الآخر (5):
_______________
(1) سورة النساء/ آية 159.
(2) ما بين القوسين ساقط من (ت، س).
(3) سورة البقرة/ آية 96.
(4) ديوانه 24، وسيبويه 2/ 346، والمقتضب 2/ 138، والمحتسب 1/ 112، والخزانة 5/ 55، والهمع 5/ 186، والدرر 2/ 151. والتارة: المرة والحين. يقول: لا راحة في الدنيا، فوقتها قسمان: موت تكرهه النفس، وحياة كلها كدح ومعاناة في كسب العيش.
(5) سيبويه 2/ 345، والخصائص 2/ 370، وابن يعيش 3/ 59، 61، والأشموني 3/ 70، والتصريح 2/ 118، والخزانة 5/ 62، والهمع 5/ 187، والعيني 4/ 71. وتيثم: اصله (تأثم) فكسرت تاؤه على لغة من يكسر حرف المضارعة، فقلبت الهمزة ياء. والحسب: الشرف الثابت في الآباء. والميسم: الجمال، من الوسامة.

الصفحة 692