كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 4)

السجنِ (1)}، أي: يا صاحِبَيَّ في السجن وقوله: {بل مَكْرُ اللَّيلِ والنَّهارِ (2)}. وفي الحديث: ((لا يَجِدُون عالِماً أَعلَمَ من عالمِ المدينةِ (3))). والعربُ تقولُ: شهيدُ الدارِ وقتيلُ كربلاءَ.
ثم أنشد أبياتاً على هذا المعنى، تُشْبِه ما أَنْشَدَ سيبويه للكُميت (4):
شُمٍّ مهاوينَ أبدانَ الجَزُورِ مخا
ميصَ العَشِيَّاتِ لا خُورٍ ولا قَزَمِ
ثم قال: فلا يَخْفَى أنّ معنى ((في)) في هذه الشواهد كلِّها صحيح ظاهر، لا غنى عن اعتباره وأَنَّ اعتبار غيره ممتنع أو مُتَّصِلٍ إليه بتكلُّف لا مَزِيدَ عليه، فيصح ما أردناه والحمدلله، ولقد رد عليه ابنه في الشرح بأوجه ثلاثة (5):
أحدها: أَنَّ إثبات هذه الإضافةِ يستلزم دْعَوْى كَثْرَةِ الاشتراكِ في معناها، وهو على خلاف الأصل.
وله أنْ يُجِيب عن هذا بأنَّ الدليلَ هو المتَّبَع، وقد دلَّ على وجود إضافه ((في)) (6) كما بُيِّن، فلابد من اتِّباعه.
_______________
(1) من الآية 29 من سورة يوسف.
(2) من الآية 33 من سورة سبأ.
(3) تحفة الأحوذي، أبواب العلم 7/ 418، وفيه ((لا يجدون أحداً أعلم .. )). وكلمة ((عالما)) ساقطة من س.
(4) الكميت، ديوانه 188، والكتاب 1/ 114، وشرح المفصل لابن يعيش 6/ 74، وشرح الكافية للرضى 3/ 421، والخزانة 8/ 150، واللسان: هون. وقبله:
يأوي إلى المجلسٍ بادٍ مكارمهُم لا مُطعمي ظالمٍ فيهم ولا ظُلُم
مهاوين: جمع مِهْوان، وهو مبالغة مُهِين، من أهانه إذا أذلّه، والإضافة في مخاميص العشيات اتساع، والأصل: في العشيات. والقَزَم: رُذَّال الناس.
(5) انظر شرح ابن الناظم 382 - 383.
(6) مكانه بياض في س.

الصفحة 9