كتاب سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر (اسم الجزء: 4)
ومن يبتلي بالغانيات فحسبه ... من البين أن يرمي بعين وحاجب
وقبلك صابرت الهوى فوجدته ... كشهد به سم يطيب لراغب
وعيش بلا صفو وحزن مؤبد ... وعين بلا نوم وعبرة ساكب
ووعد بلا وصل وعهد بلا وفا ... وقول بلا فعل ومطلة كاذب
ولوعة هجر في فؤاد مكابد ... ونار فلا تضنى وحسرة خائب
حنانيك لا تجزع وكن متجلداً ... فعبء الهوى سهل على ذي التجارب
فلولا الهوى ما كرّ في الحرب فارس ... ولا حثت الركبان بيض النجائب
وما اشتاق للأوطان قط مفارق ... ولم يرع خل عهد خل وصاحب
رعى الله قلباً بالصبابة عامراً ... وألحى خلياً في الهوى غير راغب
وأسعد بالاً بالغرام معذباً ... وأنجح صباً سار نحو المطالب
وفي الجدّ مجد جدّ فيه مكابداً ... أبثك إن الجد أسنى المكاسب
عليك طلاب العز في كل حالة ... ولا ترض سفساف الأمور وجانب
ألم تر أن الباز لو لم يكن به ... قناص لما أعلوه فوق الرواجب
وله أيضاً
حاولت رشفا من لمى ثغره ... قال طلا شاربه يأثم
قلت أما وجهك لي جنة ... والخمر في الجنة لا يحرم
وله قوله
مليح طريّ الخدّ جاد بقبلة ... وقال اغتنم لثمى بغير تعلل
فقبلته خد الوى الجيد قائلاً ... تنقل فلذات الهوى في التنقل
وله غير ذلك من الأشعار والنظام والنثار وتقدم ذكر وفاته رحمه الله تعالى.
قاسم النجار
المعروف بالنجار الحنفي الحلبي الشيخ الامام العلامة كان خير الأخيار ورحلة أهل المدن والأمصار ولد في حلب بمحلة البياضية في سنة سبع وسبعين وألف وكان يكتسب بعمل يده يصنع الأقفال الخشب ويقرئ الفقه والعقائد والنحو والحديث وأخذ وقرأ على أئمة أمجاد وشيوخ أطواد وكان يقرئ بالجامع الذي قرب داره بمحلة خراب خان وأقام بهذا الجامع اماماً وخطيباً ومتولياً مدة ست وستين سنة وكانت الطلبة ترد عليه من غالب البلاد خصوصاً من بلاد الروم لأخذ الفقه وكان يحيي ليالي المواسم من السنة كليلة نصف شعبان والمولد الشريف وسائر ليالي رمضان بالذكر والتوحيد وصلاة
الصفحة 13
270