كتاب سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر (اسم الجزء: 4)

جلا ورد خد مع شقيق يزينه ... عقيق شفاه فوق عقد من الدر
برى حبه عشقاً وما رق قلبه ... فياليت شعري كان قلبك من صخر
جرحت فؤادي وانطويت على الجفا ... وحكمت فيّ الحب من حيث لا أدري
لعل زماني أن يجود بقربكم ... وتسعفني الأيام فيه مدى الدهر
بليت بمن قلبي كمثل جفونه ... تساوت جميعاً في البناء على الكسر
ينفذ من لحظ لقلبي أسهماً ... ويرشق من قدّ بأمضى من السمر
وقال
غرامي سليم والفؤاد سقيم ... ودمعي نموم واللسان كتوم
وخدي من ودق الدموع مخدد ... وبين ضلوعي مقعد ومقيم
وما الدمع ماء بل فؤاد مصعد ... مذاب تقطره الجفون كليم
وقلبي لبعد الحب أصبح والهاً ... وفيه عذاب من جفاك عظيم
وجسمي عليل يشبه الخصر ناحل ... وحظي مثل الفرع منه بهيم
يلومونني في حب من لو إذا بدا ... مساء لغاب البدر وهو ذميم
فليس لشيء من جميع جوارحي ... مكان سواه والآله عليم
وقد عاب قلبي بالمحبة عاذل ... وكيف خلاصي والغرام غريم
حديث الهوى من عهد آدم قد رووا ... فمهلاً فؤادي فالبلاء قديم
ولم أنس ليلاً ضمناً بعد فرقة ... برغم عذول لام وهو لئيم
فبات وكأسي ثغره ورضابه ... مدامي إلى الأصباح وهو نديم
إلى أن شد أفوق الأراكة طائر ... وهب علينا للقبول نسيم
فقام لتوديعي وقد أودع الحشا ... بلابل شوق والفراق أليم
أيا جاعلاً مني سهام لحاظه ... وملء الحشا من مقلتيه كلوم
رويداً رعاك الله قربك جنة ... وبعدك يا رب الجمال جحيم
فقال وقد أثنى القوام تأدباً ... تصبر فإني بالوصال زعيم
وسار وقد سار الفؤاد أسيره ... ودمعي مسجوم حكته غيوم
فياليتني من قبل لم أعرف الهوى ... وياليته لا كان ذاك اليوم
وقوله
هل لقلبي من قامة قتاله ... من مجير ومقلة نباله
يالقومي من جور ظبي غرير ... بلحاظ فعل الظبا فعاله

الصفحة 21