كتاب سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر (اسم الجزء: 4)

إذا ألمحت برقاً من الغرب هزها ... إلى الدار ذكرى منزل وطلال
وقفت بها أستخبر الربع لويعي ... مخاطبة حتى يردّ سؤالي
يود المطايا لو يعود بعيشنا ... زمان مزجنا راحه بوصال
أعد ذكر أيام الصبا فحديثها ... إذا مرّ في سمعي شمول ثمالي
ومنها
فيا بارقاً من غرب دجلة عنّ لي ... فبدّد من جفني عقود لآلي
هل الربع من أرض الحبيبة عامر ... أم اعترضته النائبات كحالي
وهل شجرات الجوسق الفرد مثل ما ... عهدت بنوار الزهور حوالي
وهل مرتع الهيفاء ريان أم سقت ... ثراه الليالي بعدنا بوبال
وهل بقيت أطلال لمياء بعدنا ... عوامر أم بانت وهن خوالي
وكان قد حصل بينه وبين ابنه نفرة أوجبت فراقه فمكث في موران مدة ثم رحل إلى نحو سنا ثم إلى الموصل ثم إلى حلب ثم إلى قسطنطينية فأكرمه أرباب الدولة ووجهوا له قرية من قرى كركوك وعاد إلى بغداد وكانت قراءته على أولاد عمه وعلى والده وله تعليقات عديدة في الحكمة وغيرها ولم أتحقق وفاته في أي سنة كانت غير أنه كان في أواخر هذا القرن.

فضل الله أفندي الشهيد
ابن محمد بن حبيب بن أحمد بن جنيد الصدر الرئيس العالم المتفنن البارع العلامة النحرير شيخ الاسلام بقسطنطينية وصدر البلاد الرومية ولد بأرزن الروم في شوال سنة ثمان وأربعين ومائة وتربى في حجر والده وقرأ عليه وعلى السيد عبد المؤمن من أصهارهم عدة تآليف في سائر الفنون وقرأ على ابن خاله إسمعيل بن مرتضى جملة من علوم العربية وعلى الشيخ محمد بن نظام الواني وأخذ الحديث عن العالم محمد ظاهر بن عبد الله المغربي ثم ارتحل إلى أدرنه والسلطان بها يأمر من الشيخ الواني سنة أربع وسبعين وألف وتزوج بعائشة ابنته وصار الشيخ الواني يذكره للسلطاني ويثني عليه ويأمره بمباحثة العلماء ثم بعد ثلاث سنين أرسل له منقاري زاده الملازمة فلم يقبلها بأمر من المذكور ثم في سنة ثمان وسبعين حج واجتمع بعلماء الحرمين ودمشق وعين له بدمشق مائة وعشرون عثمانياً من الجزية وفي سنة ثمانين صار معلماً ومؤذناً للسلطان مصطفى وأعطى الملازمة والتدريس وبعده للسلطان أحمد وقتل شهيداً في فتنة أدرنة سنة خمس عشرة ومائة وألف رحمه الله تعالى.

الصفحة 6