أنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رآه ورأسُه يتهافَتُ قملًا، فقال: "أيؤذيك هوامك؟ "، قال: نعم، فأمره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يحلق رأسه وهو بالحديبية. ولم يتبيّنْ لهم أنّهم يحلُّون بها، وهم على طمع أن يدخلوا مكة، فأنزل اللَّه الفدية (١)، (فأمره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يطعم فَرَقًا) -بفتح الرّاء-، والمحدّثون يسكنونها، وهو ستة عشر رطلًا، وهو ثلاثة آصُعٍ (٢) (بين ستّة) مساكين.
(أو يُهْدِيَ شاةً) -بضم أوّله منصوبًا- عطفًا على: أن يطعم، (أو يصومَ ثلاثةَ أيام).
وفي هذا الحديث: أنّ السّنة مبيِّنة لمجمَلِ القرآن، لإطلاق الفدية فيه، وتقييدها بالسّنة.
وتحريمُ حلقِ الرّأس على المحرم، والرّخصةُ له في [حلقه] (٣) إذا آذاه القملُ، أو غيره من الأوجاع.
واستنبط منه بعضُ المالكيّة: إيجابَ الفدية على من تعمَّدَ حلقَ رأسه بغير عذر؛ فإنّ إيجابها على المعذور من التّنبيه بالأدنى على الأعلى، لكن لا يلزمُ من ذلك التّسويةُ بين المعذور وغيره (٤).
قلت: معتمد المذهب: التخييرُ بين صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستّة مساكين، لكلِّ مسكينٍ مُدُّ بُرٍّ، أو نصفُ صاعِ تمرٍ أو زبيبٍ أو شعير، أو ذبحُ
---------------
(١) تقدم تخريجه عندهما، وهذا لفظ البخاري.
(٢) قاله الأزهري في "تهذيب اللغة" (٩/ ١٠٨)، (مادة: فرق).
(٣) في الأصل: "حلقها"، وكذا في "إرشاد الساري" (٣/ ٢٩٠)، والصواب ما أثبت.
(٤) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٢٩٠).